* أمّا مسلم ، فقد روى في صحيحه أنّ عليّاً قال على المنبر : " سلوني قبل أن تَفقدوني ، سلوني عن كتاب الله ، فما من آية إلاّ وأعلمُ حيث نزلت ، بحضيض جبل ، أو سهل أرض ، وسلوني عن الفِتن ، فما من فِتنة إلاّ وقد علمتُ كونها ( كبشها ) ومن يقتل فيها " ثمّ قال مسلم : وقد روي عنه نحو هذا كثير [ 2 ] . وروى الخطيب في أربعينه عن عمر بن الخطّاب أنّه قال : العلم ستّة أسداس ، وأنّ لعليّ ( عليه السلام ) من ذلك خمسة أسداس ، وللناس سدس ، ولقد شاركنا في السدس حتّى لهو أعلم به منّا [ 3 ] . وروى في الإستيعاب عن جماعة من الرواة والمحدّثين قالوا : لم يقل أحد من الصحابة : سلوني إلاّ عليّ بن أبي طالب [ 4 ] . وروى البُرسي عن الحسن البصري : أنّ الخِضر لمّا التقى موسى وكان بينهما ما كان ، جاء عصفور وأخذ قطرة من البحر ، ووضعها على يد موسى ، فقال الخضر : ما هذا ؟ قال إنّه يقول : ما علمنا وعلم سائر الأوّلين والآخرين في علم وصيّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الأُمّي إلاّ كهذه القطرة في هذا البحر [ 5 ] . ثمّ قال البرسي : وروى ابن عبّاس عنه : أنّه شرح له في ليلة واحدة من حين أقبل ظلامها حتّى أسفر صباحها في شرح " الباء " من بسم الله ، ولم يتعدّ إلى " السين " وقال : " لو شئت لأوقرت أربعين بعيراً من شرح بسم الله " [ 6 ] . وروى سليم بن قيس عن أبان قال : جلست إلى عليّ بالكوفة في المسجد والناس حوله ، فقال : سلوني قبل أن تفقدوني ، سلوني عن كتاب الله ، فو الله ما نزلت آية من كتاب الله إلاّ وقد أقرأنيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلّمني تأويلها - إلى أن قال - : دعاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفي يده كتاب ، فقال : يا عليّ دونك هذا الكتاب ، كتبه الله فيه تسمية أهل السعادة والشقاوة من أُمّتي إلى يوم القيامة أمرني ربّي أن أدفعه إليك [ 7 ] . وذكر ابن أبي الحديد في شرحه على النهج مبرهناً أنّه ( عليه السلام ) مبدأ العلوم ومنتهاها ، ومصدر إنشائها بأجمعها : من علم الإلهي ، والتفسير والقراءة ، والفقه ، والمناظرة ، والقضاء ، وفصل الخصوم ، والفصاحة والبلاغة ، والنحو والأدب ، والحساب ، والكيميا [ 8 ] وغيرها . وروى في جامع الأُصول عن صحيح الترمذي عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال : " أقضاكم عليّ " [ 9 ] . وفي مسند ابن حنبل عن سعيد قال : لم يكن أحد من أصحاب النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : سلوني إلاّ عليّ بن أبي طالب [ 10 ] . وروى ابن المغازلي : أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : أتاني جبرئيل بدرنوك من الجنّة ، فجلست عليه ، فلمّا صرت بين يدي ربّي كلّمني وناجاني ، فما علّمني شيئاً إلاّ وعلّمت عليّاً ، فهو باب ر مدينة علمي ، ثمّ دعاه إليه وقال : " يا عليّ سلمك سلمي وحربك حربي ، وأنت العلم بيني وبين أُمّتي بعدي " [ 11 ] . وروى موفّق ابن الأحمد الخوارزمي وابن حجر ، وغيرهما : أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " لو أنّ الرياض أقلام ، والبحر مداد ، والجنّ حسّاب ، والإنس كتّابٌ ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب ، وإنّ الله جعل لأخي عليّ فضائل لا تحصى كثرة " [ 12 ] . . . الحديث بطوله . إلى غير ذلك من أحاديث الفريقين في علمه ( عليه السلام ) فقط ، فضلا عمّا تواتر لدى العموم من سائر فضائله ( عليه السلام ) ومناقبه من وجوب حبّه [ 13 ] ووجوب بغض أعدائه [ 14 ] . وما ورد متواتراً أيضاً من معاجزه الكثيرة الّتي ذكر منها السيّد البحراني ( قدس سره ) خمسمائة وخمس وخمسين معجزة من طرق الفريقين [ 15 ] . وغير ذلك ممّا لا يحصيه مطوّلات الصحف ، فضلا عن هذا المختصر ، فراجع التواريخ وصحاح الأحاديث تجد صحّة ما ذكرنا ، فصلوات الله عليه وعلى أخيه الرسول وزوجته البتول وذرّيّتهم الطاهرين . ( 1 ) بحار الأنوار 3 : 225 . [ 2 ] لم نعثر عليه في صحيح مسلم المطبوع لكن حكاه عنه في بحار الأنوار 40 : 190 . [ 3 ] حكاه عنه ابن شهرآشوب في المناقب 2 : 31 في المسابقة بالعلم . [ 4 ] الاستيعاب ( المطبوع هامش الإصابة ) 3 : 40 . [ 5 و 6 ] مشارق أنوار اليقين : 79 و 220 . [ 7 ] كتاب سليم بن قيس : 331 - 333 . [ 8 ] شرح نهج البلاغة ( ابن أبي الحديد ) 2 : 286 وج 6 : 136 وج 7 : 46 و 57 وج 10 : 14 وج 12 : 197 و 202 وج 13 : 101 و 106 و 108 . [ 9 ] جامع الأُصول 9 : 417 / 6367 . [ 10 ] فضائل الصحابة ( لأحمد بن حنبل ) 2 : 646 / 1098 . [ 11 ] المناقب : 96 / 73 . [ 12 ] المناقب : 32 / 1 ، ولم نعثر عليه في الصواعق المحرقة . [ 13 ] المناقب ( ابن مردويه ) : 72 / 46 و 50 . [ 14 ] حلية الأولياء 1 : 67 - 68 . [ 15 ] غاية المرام 5 : 236 - 273 .