responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نور الأفهام في علم الكلام نویسنده : السيد حسن الحسيني اللواساني    جلد : 1  صفحه : 470



* ومحصّل ذلك على ما رواه جمعٌ كثيرٌ من أعلام الفريقين كالطبري [ 1 ] والخوارزمي [ 2 ] وأحمد بن حنبل [ 3 ] وغيرهم [ 4 ] عن ابن مسعود وابن عبّاس وبريدة الأسلمي وزيد بن أرقم ، وأمثالهم ممّن يضيق المقام عن إحصائهم ، وقد استقصى كثيراً منهم مولانا العلاّمة الأميني المعاصر - دام ظلّه - في كتاب الغدير [ 5 ] والعلاّمة المجلسي ( قدس سره ) في البحار [ 6 ] أنّه لمّا كانت السنة العاشرة من الهجرة - وهي سنة آخر عمر النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) - وكان قد بلّغ جميع أحكام الشريعة قومه غير الحجّ والولاية ، أتاه جبرئيل وقال له : يا محمّد إنّ الله جلّ اسمه يقرؤك السلام ، ويقول لك : إنّي لم أقبض نبيّاً من أنبيائي ولا رسولا من رُسلي إلاّ بعد إكمال ديني وتأكيد حجّتي ، وقد بقي عليك من ذلك فريضتان ممّا يحتاج أن تبلّغهما قومك فريضة الحجّ ، وفريضة الولاية والخلافة من بعدك ، فإنّي لم أخلُ أرضي من حجّة ، ولن أُخليها أبداً ، فالله جلّ ثناؤه يأمرك أن تبلّغ قومك الحجّ ، وتحجّ ويحجّ معك كلّ من استطاع إليه سبيلا من أهل الحضر والأعراب ، وتعلّمهم من حجّهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم ، وتوقفهم من ذلك على مثال الّذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلّغتَهم من الشرائع . فنادى منادي رسول الله في الناس : ألا إنّ رسول الله يريد الحجّ ، وأن يعلّمكم من ذلك مثل الّذي علّمكم من شرائع دينكم ، ويوقفكم من ذلك على مثل ما أوقفكم عليه من غيره ، فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وخرج معه من أهل المدينة والأعراب ستّون ألف نسمة ، أو يزيدون بعدد أصحاب موسى الّذين أخذ عليهم بيعة هارون ( عليه السلام ) فنكثوا ، واتبعوا العجل والسامري . وكذلك أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) البيعة لعليّ بالخلافة على نحو عدد أصحاب موسى ، فنكثوا البيعة واتّخذوا العجل والسامري ، سنّة بسنّة ، ومثلا بمثل . وبالجملة ، خرج النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بمن معه من المدينة ، واتّصلت التلبية ما بين مكّة والمدينة ، إلى أن وقف بالموقف فأتاه جبرئيل ، وقال : يا محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إنّ الله عزّ وجلّ يقرؤك السلام ، ويقول لك : إنّه قد دنى أجلك ومدّتك ، وأنا مستقدمك على ما لابدّ منه ولا عنه محيص ، فاعهد عهدك ، وقدّم وصيّتك ، واعمد إلى ما عندك من العلم وميراث علوم الأنبياء من قبلك ، والسلاح والتابوت ، وجميع ما عندك من أثاث الأنبياء ، فسلّمها إلى وصيّك وخليفتك من بعدك ، حجّتي البالغة على خلقي ، عليّ بن أبي طالب ، فأقمه للناس علماً ، وجدّد عهده وميثاقه وبيعته ، وذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الّذي واثقتهم به ، وعهدي الّذي عاهدت إليهم من ولاية وليّي ، ومولاهم ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة عليّ بن أبي طالب ، عبدي ووصيّ نبييّ ، والخليفة من بعده ، وحجّتي البالغة على خلقي ، مقرون طاعته بطاعة محمّد نبيّي ، ومقرون طاعته مع طاعة محمّد بطاعتي ، من أطاعه فقد أطاعني ، ومن عصاه فقد عصاني ، جعلته علماً بيني وبين خلقي ، من عرفه كان مؤمناً ، ومن أنكره كان كافراً ، ومن أشرك بيعته كان مشركاً ، ومن لقيني بولايته دخل الجنّة ، ومن لقيني بعداوته دخل النار ، فأقم يا محمّد عليّاً عَلَماً ، وخُذ عليهم البيعة ، وجدّد عهدي وميثاقي بهم الّذي واثقتهم عليه فإنّي قابضك إليَّ ومستقدمك علىَّ . فخشي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قومه وأهل النفاق والشقاق أن يتفرّقوا ويرجعوا إلى الجاهليّة ، لما عرف من عداوتهم ، ولما تنطوي عليه أنفسهم لعليّ ( عليه السلام ) من العداوة والبغضاء ، وسأل جبرئيل ( عليه السلام ) أن يسأل ربّه العصمة من الناس ، وانتظر أن يأتيه بذلك من الله جلّ اسمه ، فأخّر ذلك إلى أن بلغ مسجد الخيف ، فأتاه جبرئيل ، وأمره بأن يعهد عهده ، ويقيم عليّاً عَلَماً للناس ، ولم يأته بالعصمة بالّذي أراد ، حتّى بلغ كراع الغميم بين مكّة والمدينة ، فأتاه جبرئيل ( عليه السلام ) أيضاً ، وأمره بالّذي أتاه فيه من قبل الله تعالى ، ولم يأته بالعصمة . فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا جبرئيل : إنّي أخشى قومي أن يكذّبوني ولا يقبلوا قولي في عليّ فرحل إلى أن بلغ غدير خمّ قبل الجُحفة بثلاثة أميال ، فأتاه جبرئيل أيضاً على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس ، وقال : إنّ الله عزّ وجلّ يقرؤك السلام ، ويقول : ( يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك - في عليّ - وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس ) [ 7 ] وكان أوائلهم قريباً من الجحفة ، فأمر النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بردّ من تقدّم منهم ، وحبس المتأخّر منهم في ذلك المكان ، ونادى مناديه في الجموع بالصلاة جامعةً ، وتنحّى عن يمين الطريق إلى جنب مسجد الغدير ، وأمر بنصب أحجار وسُلّمات كانت هناك كهيئة المنبر ، فقام فوقها ثمّ شرع في الخطبة ، وقال : الحمد لله الّذي علا في توحّده ، ودَنى في تفرّده ، وجلّ في سلطانه ، وعظُم في أركانه ، وأحاط بكلّ شيء علماً وهو في مكانه ، وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه ، مجيداً لم يزل ، محموداً لا يزال ، بارئ المسموكات ، وداعي المدحوّات ، وجبّار السماوات ، قدّوسٌ سبّوح ، ربّ الملائكة والروح ، متفضّل على جميع من برأه ، متطوّل على من أدناه ، يلحظ كلّ عين والعيون لا تراه ، كريمٌ حليمٌ ذو أناة ، قد وسع كلّ شيء رحمته ، ومنّ عليهم بنعمته ، لا يعجّل بانتقامه ، ولا يبادر إليهم بما استحقّوا من عذابه ، قد فهم السرائر ، وعلم الضمائر ولم تخف عليه المكنونات ، ولا اشتبهت عليه الخفيّات ، له الإحاطة بكلّ شيء ، والغلبة على كلّ شيء ، والقوّة في كلّ شيء ، والقدرة على كلّ شيء ، لا مثله شيء ، وهو منشئ الشيء حين لا شيء ، دائم قائم بالقسط ، لا إله إلاّ هو العزيز الحكيم ، جلّ عن أن تدركه الأبصار ، وهو يدرك الأبصار ، وهو اللطيف الخبير ، لا يلحق أحدٌ وصفه من معانيه ، ولا يجد أحدٌ كيف هو مِن سرّ وعلانية إلاّ بما دلّ عزّ وجلّ على نفسه ، وأشهد بأنّه الّذي لا إله إلاّ هو ، ملأ الدهر قدسه ، والّذي يغشي الأبد نوره ، والّذي ينفذ أمره بلا مشاورة مشير ، ولا معه شريك في تقدير ، ولا تفاوت في تدبير ، صوّر ما أبدع على غير مثال ، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلّف ولا احتيال ، أنشأها فكانت ، وبرأها فبانت ، فهو الله لا إله إلاّ هو ، المتقن الصنعة ، الحسن الصنيعة ، العدل الّذي لا يجور ، والأكرم الّذي ترجع إليه الأُمور ، وأشهد أنّه الّذي تواضع كلّ شيء لِعَظَمته ، وذلّ كلّ شيء لعزّته ، واستسلم كلّ شيء لقدرته ، وخشع كلّ شيء لهيبته ، مالك الأملاك ، ومفلك الأفلاك ، ومسخّر الشمس والقمر ، كلٌّ يجري لأجَل ، يكوّر الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل ، يطلبه حثيثاً ، قاصم كلّ جبّار عنيد ، ومهلك كلّ شيطان مريد ، لم يكن معه ضدّ ولا ندّ ، أحدٌ صمدٌ لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ، إله واحد وربّ ماجد ، يشاء فيمضي ، ويريد فيقضي ، ويعلم فيحصي ، ويميت ويحيى ، ويفقر ويغني ، ويضحك ويبكي ، ويدني ويقصي ، ويمنع ويثري ، له الملك وله الحمد ، بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير ، يولج الليل في النهار ، ويولج النهار في الليل ، ألا هو العزيز الغفّار ، مجيب الدعاء ، ومجزل العطاء ، محصي الأنفاس ، وربّ الجنّة والناس ، لا يشكل عليه شيء ، ولا يضجره صراخ المستصرخين ، ولا يبرمه إلحاح الملحّين ، العاصم للصالحين ، والموفّق للمفلحين ، ومولى المؤمنين ، وربّ العالمين ، الّذي استحقّ من كلّ مَن خَلَق أن يشكره ويحمده على السرّاء والضرّاء ، والشدّة والرخاء ، أُومن به وملائكته وكتبه ورسله ، أسمعُ أمرَه ، وأُطيعُ وأُبادرُ إلى كلّ ما يرضاه ، وأستسلمُ لما قضاه ، رغبةً في طاعته ، وخوفاً من عقوبته ، لأنّه الله الّذي لا يؤمن مكره ، ولا يخاف جوره ، أُقرّ له على نفسي بالعبوديّة ، وأُشهد له بالربوبيّة ، وأُؤدّي ما أُوحي إليَّ ، حذراً من أن لا أفعل ، فتحلّ بي مائة قارعة ، لا يدفعها عنّي أحد ، وإن عظمت حيلته ، لا إله إلاّ هو ؛ لأنّه قد أعلمني إن لم أُبلّغ ما أُنزل إليَّ فما بلّغت رسالته ، وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة ، وهو الله الكافي الكريم ، فأوحي إليَّ : ( بسم الله الرحمن الرحيم يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس ) . معاشر الناس ! ما قصرت في تبليغ ما أنزله إليَّ ، وأنا مبيّن لكم سبب هذه الآية ؛ إنّ جبرئيل هبط إليّ مراراً ثلاثاً ، يأمرني عن السلام ربّي وهو السلام : أن أقوم في هذا المشهد وأُعلمَ كلّ أبيض وأسود : أنّ عليّ بن أبي طالب أخي ووصيّي وخليفتي ، والإمام من بعدي ، الّذي محلّه منّي محلّ هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، وهو وليّكم بعد الله ورسوله ، وأنزل الله تبارك وتعالى عليَّ بذلك آيةً من كتابه : ( إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) [ 8 ] وعليّ بن أبي طالب أقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع ، يريد الله عزّ وجلّ في كلّ حال ، وسألت جبرئيل أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم - أيّها الناس - لعلمي بقلّة المؤمنين وكثرة المنافقين وأدغال الآثمين ، وختل المستهزئين بالإسلام ، الّذين وصفهم الله في كتابه بأنّهم : ( يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ) [ 9 ] ( وتحسبونه هيّناً وهو عند الله عظيم ) [ 10 ] وكثرة أذاهم لي غير مرّة ، حتّى سمّوني أُذُناً ، وزعموا أنّي كذلك ، لكثرة ملازمته إيّاي وإقبالي عليه ، حتّى أنزل الله عزّ وجلّ في ذلك : ( ومنهم الّذين يؤذون النبيّ ويقولون هو أُذن قل أُذن خير لكم ) [ 11 ] ولو شئت أن أُسمّي القائلين بذلك بأسمائهم لسمّيت ، وأن أُومئ إليهم بأعيانهم لأومأت ، وأن أدلَّ عليهم لَدَلَلْتُ ، ولكنّي والله في أُمورهم قد تكرّمتُ ، وكلّ ذلك لا يرضي الله منّي إلاّ أن أُبلّغ ما أنزل الله إليَّ : ( يا أيّها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربّك ( في عليّ ) وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمك من الناس ) [ 12 ] . فاعلموا معاشر الناس : إنّ الله قد نصبه لكم وليّاً وإماماً ، مفترضةٌ طاعته على المهاجرين والأنصار ، وعلى التابعين بإحسان ، وعلى البادي والحاضر ، وعلى الأعجمي والعربي ، والحرّ والمملوك ، والصغير والكبير ، وعلى الأبيض والأسود وعلى كلّ موحّد ماض حكمه جائز قوله ، نافذ أمره . ملعون من خالفه ، مرحوم من تبعه ومن صدّقه ، فقد غفر الله له ولمن سمع منه وأطاع له . معاشر الناس ! إنّه آخر مقام أقومه في هذا المشهد ، فاسمعوا وأطيعوا ، وانقادوا لأمر ربّكم ، فإنّ الله - عزّوجلّ - هو وليّكم وإلهكم ، ثمّ من دونه رسولكم محمّد وليّكم والقائم المخاطب لكم ، ثمّ من بعدي عليّ وليّكم ، وإمامكم بأمر الله ربّكم ، ثمّ الإمامة في ذرّيّتي من ولده إلى يوم تلقون الله عزّ اسمه ورسوله ، لا حلال إلاّ ما أحلّه الله ، ولا حرام إلاّ ما حرّمه الله ، عرفني الله الحلال والحرام ، وأنا أفضيت بما علّمني ربّي من كتابه ، وحلاله وحرامه إليه . معاشر الناس ! ما من علم إلاّ وقد أحصاه الله فيَّ ، وكلّ علم عُلّمت فقد أحصيته في إمام المتّقين ، وما من علم إلاّ علّمته عليّاً ، وهو الإمام المبين . معاشر الناس ! لا تضلّوا عنه ولا تنفروا منه ، ولا تستنكفوا من ولايته ، فهو الّذي يهدي إلى الحقّ ويعمل به ، ويزهق الباطل وينهى عنه ، ولا تأخذه في الله لومة لائم . ثمّ إنّه أوّل من آمن بالله ورسوله ، والّذي فدى رسول الله بنفسه ، والّذي كان مع رسول الله ولا أحد يعبد الله مع رسول الله من الرجال غيره . معاشر الناس ! فَضِّلوه فقد فضّله الله ، واقبلوه فقد نصبه الله . معاشر الناس ! إنّه إمام من الله ، ولن يتوب الله على أحد أنكر ولايته ، ولن يغفر له ، حتماً على الله أن يفعل ذلك بمن خالف أمره فيه ، وأن يعذّبه عذاباً نكراً أبد الآبد ودهر الدهور ، فاحذروا أن تخالفوا فتصلوا ناراً ( وقودها الناس والحجارة أُعدّت للكافرين ) [ 13 ] . أيّها الناس ! بي والله بشّر الأوّلون من النبيّين والمرسلين ، وأنا خاتم الأنبياء والمرسلين ، والحجّة على جميع المخلوقين من أهل السماوات والأرضين ، فمن شكّ في ذلك فهو كافر كفرَ الجاهليّة الأُولى ، ومن شكّ في شيء من قولي هذا فقد شكّ في كلّ ما أُنزل عليَّ ( ومن شكّ في واحد من الأئمّة فقد شكّ في الكلّ منه ) [ 14 ] والشاكّ في ذلك فله النار . معاشر الناس ! حباني الله بهذه الفضيلة مَنّاً منه عليَّ وإحساناً منه إليَّ ولا إله إلاّ هو ، له الحمد منّي أبد الآبدين ودهر الداهرين على كلّ حال . معاشر الناس ! فضّلوا عليّاً ، فإنّه أفضل الناس بعدي من ذكر وأُنثى ، بنا أنزل الله الرزق وبقي الخلق ، ملعون ملعون ، مغضوب مغضوب من ردّ قولي هذا وإن لم يوافقه ، إلاّ أنّ جبرئيل أخبرني عن الله تعالى بذلك ، ويقول : من عادى عليّاً ولم يتولّه فعليه لعنتي وغضبي ( ولتنظر نفس ما قدّمت لغد واتّقوا الله ) [ 15 ] أن تخالفوه فتزّل قدم بعد ثبوتها ( إنّ الله خبير بما تعملون ) [ 16 ] . معاشر الناس ! إنّه جنب الله الّذي نزّل في كتابه : ( يا حسرتي على ما فرّطت في جنب الله ) [ 17 ] . معاشر الناس ! تدبّروا القرآن وافهموا آياته ، وانظروا إلى محكماته ، ولا تتّبعوا متشابهه ، فوالله لن يبيّن لكم زواجره ، ولا يوضح لكم تفسيره إلاّ الّذي أنا آخذ بيده ومصعده إليَّ وشائل بعضده ، ومعلمكم أنّ " من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه " وهو عليّ بن أبي طالب أخي ووصيّي ، وموالاته من الله عزّ وجلّ أنزلها عليَّ . معاشر الناس ! إنّ عليّاً والطيّبين من ولدي هم الثقل الأصغر ، والقران هو الثقل الأكبر ، وكلّ واحد منهما منبئ عن صاحبه وموافق له ، لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض ، ألا إنّهم أُمناءُ الله في خلقه وحكماؤه في أرضه ، ألا وقد أدّيت ، ألا وقد بلّغت ، ألا وقد أسمعت ، ألا وقد أوضحت ، ألا وإنّ الله عزّ وجلّ قال وأنا قلت عن الله عزّ وجلّ ، ألا إنّه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا ، ولا تحلّ إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره . ثمّ ضرب بيده على عضد عليّ ، وكان عليّ ( عليه السلام ) دون مقامه بدرجة ، فرفعه حتّى صارت رجله مع ركبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ثمّ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : معاشر الناس ! هذا عليّ أخي ووصيّي وواعي علمي ، وخليفتي على أُمّتي وعلى تفسير كتاب الله عزّ وجلّ ، والداعي إليه ، والعامل بما يرضاه ، والمحارب لأعدائه والموالي على طاعته ، والناهي عن معصيته ، خليفة رسول الله ، وأمير المؤمنين والإمام الهادي ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر الله . أقول : ما يُبدّل القول لديّ بأمر ربّي . أقول : اللّهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ، والعن من أنكره واغضب على من جحد حقّه . اللّهمّ إنّك أنزلت عليَّ أنّ الإمامة لعليّ وليّك عند تبياني ذلك عليهم ، ونصبي إيّاه بما أكملت لعبادك من دينهم وأتممت عليهم نعمتك ورضيت لهم الإسلام ديناً ، فقلت : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) [ 18 ] اللّهمّ إنّي أُشهدك أنّي قد بلّغت . معاشر الناس ! إنّما أكمل الله عزّ وجلّ دينكم بإمامته ، فمن لم يأتمّ به وبمن يقوم مقامه من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة والعرض على الله عزّ وجلّ ( أُولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون ) [ 19 ] ( لا يخفّف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ) [ 20 ] . معاشر الناس ! هذا عليّ أنصركم لي ، وأحقّكم بي ، وأقربكم إليَّ ، وأعزّكم عليَّ ، والله عزّوجلّ وأنا عنه راضيان ، وما نزلت آية رضا إلاّ فيه ، وما خاطب الله الّذين آمنوا إلاّ بدأ به ، ولا نزلت آية مدح في القرآن إلاّ فيه ، ولا شهد الله بالجنّة في " هل أتى على الإنسان " إلاّ له ، ولا أنزلها في سواه ، ولا مدح بها غيره . معاشر الناس ! هو ناصر دين الله ، والمجادل عن رسول الله وهو التقيّ النقيّ ، والهاديّ المهديّ ، نبيّكم خير نبيّ ، ووصيّكم خير وصيّ ، وبنوه خير الأوصياء . معاشر الناس ! ذريّة كلّ نبيّ من صلبه ، وذرّيّتي من صلب عليّ . معاشر الناس ! إنّ إبليس أخرج آدم من الجنّة بالحسد ، فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم ، وتزلّ أقدامكم ، فإنّ آدم أُهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة ، وهو صفوة الله عزّ وجلّ ، فكيف بكم وأنتم أنتم ومنكم أعداء الله ! ألا إنّه لا يبغض عليّاً إلاّ شقيّ ، ولا يتوالى عليّاً إلاّ تقيّ ، ولا يؤمن به إلاّ مؤمن مخلص ، في عليّ والله نزلت سورة " العصر " ( بسم الله الرحمن الرحيم * والعصر * إنّ الإنسان لفي خسر * إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصبر ) . معاشر الناس ! إنّي أستشهد الله أن بلّغتكم رسالته ، ( وما على الرسول إلاّ البلاغ المبين ) [ 21 ] . معاشر الناس ! ( اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون ) [ 22 ] . معاشر الناس ! آمنوا بالله ورسوله والنور الّذي أُنزل معه ( من قبل أن نطمس وجوهاً فنردّها على أدبارها ) [ 23 ] . معاشر الناس ! النور من الله عزّ وجلّ فيَّ مسلوك ، ثمّ في عليّ ، ثمّ في النسل منه إلى القائم المهدي الّذي يأخذ بحقّ الله وبكلّ حقّ هو لنا ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ قد جعلنا حجّة على المقصّرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين والغاصبين من جميع العالمين . معاشر الناس ! أُنذركم أنّي رسول الله قد خلت من قبلي الرسل أفإن متُّ أو قتلت ( انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين ) [ 24 ] ألا وإنّ عليّاً هو الموصوف بالصبر والشكر ، ثمّ من بعده ولدي من صلبه . معاشر الناس ! لا تمنّوا على الله إسلامكم فيسخط عليكم ، فيصيبكم بعذاب من عنده ، إنّه لبالمرصاد . معاشر الناس ! سيكون من بعدي ( أئمّة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون ) [ 25 ] معاشر الناس ! إنّ الله وأنا بريئان منهم . معاشر الناس ! إنّهم وأنصارهم وأشياعهم وأتباعهم في الدرك الأسفل من النار ( فلبئس مثوى المتكبّرين ) [ 26 ] ألا إنّهم أصحاب الصحيفة ، فلينظر أحدكم في صحيفته . معاشر الناس ! إنّي أدعها إمامة ووراثة في عقبي إلى يوم القيامة ، وسيجعلونها مُلكاً واغتصاباً ، ألا لعن الله الغاصبين والمغتصبين ، وعندها ( سنفرغ لكم أيُّه الثقلان ) [ 27 ] ( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) [ 28 ] . معاشر الناس ! إنّ الله عزّ وجلّ لم يكن يذركم على ما أنتم عليه ( حتّى يميز الخبيث من الطيّب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ) [ 29 ] . معاشر الناس ! إنّه ما من قرية إلاّ والله مهلكها بتكذيبها ، وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة ، كما ذكر الله تعالى ، وهذا إمامكم ووليّكم ، وهو مواعيد الله ، والله يصدّق وعده . معاشر الناس ! قد ضلّ قبلكم أكثر الأوّلين ، والله قد أهلك الأوّلين ، وهو مهلك الآخرين . معاشر الناس ! إنّ الله قد أمرني ونهاني ، وقد أمرت عليّاً ونهيته ، فعلم الأمر والنهي من ربّه عزّ وجلّ ، فاسمعوا لأمره تسلموا وأطيعوه تهتدوا ، وانتهوا لنهيه ترشدوا ، وصيروا إلى مراده ، ولا تتفرّق بكم السبل عن سبيله . معاشر الناس ! أنا صراط الله المستقيم الّذي أمركم باتّباعه ، ثمّ عليّ من بعدي ، ثمّ ولدي من صلبه أئمّة ( يهدون بالحقّ وبه يعدلون ) [ 30 ] . ثمّ قرأ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سورة " الحمد " إلى آخرها ، وقال : فيَّ نزلت ولهم عمّت وإيّاهم خصّت أُولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( ألا إنّ حزب الله هم المفلحون ) [ 31 ] الغالبون . ألا إنّ أعداء عليّ هم أهل الشقاق العادون ، وإخوان الشياطين الّذين ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ) [ 32 ] ألا إنّ أولياءهم هم المؤمنون الّذين ذكرهم الله فقال عزّ وجلّ : ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ) [ 33 ] إلى آخر الآية . ألا إنّ أولياءهم هم الّذين وصفهم الله عزّ وجلّ فقال : ( الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أُولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) [ 34 ] ألا إنّ أولياءهم الّذين يدخلون الجنّة آمنين ( وتتلقّاهم الملائكة ) [ 35 ] بالتسليم أن ( طبتم فادخلوها خالدين ) [ 36 ] ألا إنّ أولياءهم الّذين قال الله عزّ وجلّ ( يدخلون الجنّة يُرزقون فيها بغير حساب ) [ 37 ] ألا إنّ أعداءهم الّذين يصلون سعيراً . ألا إنّ أعداءهم الّذين يسمعون لجهنّم شهيقاً وهي تفور ولها زفير ( كلّما دخلت أُمّة لعنت أُختها ) [ 38 ] ألا إنّ أعداءهم الّذين قال الله عزّ وجلّ : ( كلّما أُلقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذّبنا وقلنا ما نزّل الله من شيء إن أنتم إلاّ في ضلال كبير * وقالوا لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير ) [ 39 ] ألا ( إنّ ) أولياءهم ( الّذين يخشون ربّهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير ) [ 40 ] . معاشر الناس ! شتّان ما بين السعير والجنّة ، فعدوّنا من ذمّه الله ولعنه ، ووليّنا من مدحه الله وأحبّه . معاشر الناس ! ألا وإنّي منذر وعليّ هاد . معاشر الناس ! إنّي نبيّ وعليّ وصيّي ألا إنّ خاتم الأئمّة منّا القائم المهديّ . ألا إنّه هو الظاهر على الدين إلاّ إنّه المنتقم من الظالمين . ألا إنّه فاتح الحصون وهادمها . ألا إنّه قاتل كلّ قبيلة من أهل الشرك . ألا إنّه المدرك بكلّ ثار لأولياء الله عزّ وجلّ . ألا إنّه الناصر لدين الله . ألا إنّه الغرّاف من بحر عميق . ألا إنّه قسيم كلّ ذي فضل بفضله ، وكلّ ذي جهل بجهله . ألا إنّه خيرة الله ومختاره . ألا إنّه وارث كلّ علم والمحيط به . ألا إنّه المخبر عن ربّه عزّ وجلّ ، والمنبّه بأمر إيمانه . ألا إنّه الرشيد السديد . ألا إنّه المفوّض إليه . ألا إنّه قد بشّر به من سلف بين يديه . ألا إنّه الباقي حجّة ولا حجّة بعده ، ولا حقّ إلاّ معه ، ولا نور ولا فوز إلاّ عنده . ألا إنّه لا غالب له ، ولا منصور عليه . ألا وإنّه وليّ الله في أرضه وحكمه في خلقه وأمينه في سرّه وعلانيته . معاشر الناس ! قد بيّنت لكم وأفهمتكم ، وهذا عليٌّ يفهمكم بعدي . ألا وإنّ عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته والإقرار به ، ثمّ مصافقته بعدي . ألا إنّي قد بايعت الله ، وعليٌّ قد بايعني ، وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عزّوجلّ ( فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه ) [ 41 ] الآية . معاشر الناس ! إنّ الحجّ والعمرة من شعائر الله ، و ( إنّ الصفا والمروة من شعائر الله فمن حجّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما ) [ 42 ] إلى آخر الآية . معاشر الناس ! حجّوا البيت ، فما ورده أهل بيت إلاّ استغنوا ، ولا تخلّفوا عنه إلاّ افتقروا . معاشر الناس ! ما وقف بالموقف مؤمن إلاّ غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك ، فإذا انقضت حجّته استؤنف عمله عليه . معاشر الناس ! الحُجّاج معانون ، ونفقاتهم مخلّفة ( إنّ الله لا يضيع أجر المحسنين ) [ 43 ] . معاشر الناس ! حجّوا البيت بكمال الدين والتفقّه ، ولا تنصرفوا عن المشاهد إلاّ بتوبة وإقلاع . معاشر الناس ! أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة كما أمركم الله عزّ وجلّ ، لئن طال عليكم الأمد فقصّرتم أو نسيتم ، فعليٌّ وليّكم ، ويبيّن لكم الّذي نصبه الله عزّ وجلّ بعدي ، أو من خلّفه الله منّي ومنه ، يخبركم بما تسألون عنه ، ويبيّن لكم ما لا تعلمون . ألا إنّ الحلال والحرام أكثر من أن أُحصيهما وأُعرّفهما ، فآمر بالحلال ، وأنهى عن الحرام في مقام واحد ، فأمرت أن آخذ البيعة عليكم ، والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عزّ وجلّ في عليّ أمير المؤمنين ، والأئمّة من بعده الّذين هم منّي ، ومنه أئمّة قائمهم فيهم المهديّ إلى يوم القيامة الّذي يقضي فيه بالحقّ . معاشر الناس ! وكلّ حلال دللتكم عليه ، وكلّ حرام نهيتكم عنه ، فإنّي لم أرجع عن ذلك ولم أُبدّل . ألا فاذكروا ذلك واحفظوه وتواصوا به ، ولا تبدّلوه ولا تغيّروه . ألا وإنّي أُجدّد القول . ألا فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر . ألا وإنّ رأس الأمر بالمعروف أن تنتهوا إلى قولي وتبلّغوه من لم يحضره تأمروه بقبوله وتنهوه عن مخالفته ، فإنّه أمرٌ من الله عزّ وجلّ ومنّي ، ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلاّ مع إمام معصوم . معاشر الناس ! القرآن يعرّفكم أنّ الأئمّة من بعده ولده ، وعرّفتكم أنّهم منّي ومنه ، حيث يقول الله عزّ وجلّ : ( كلمةً باقيةً في عقبه ) [ 44 ] وقلت : لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما . معاشر الناس ! التقوى التقوى ، واحذروا الساعة كما قال الله عزّ وجل : ( إنّ زلزلة الساعة شيء عظيم ) [ 45 ] اذكروا الممات والحساب والموازين ، والمحاسبة بين يدي ربّ العالمين ، والثواب والعقاب ، ومن جاء بالحسنة أُثيب ، ومن جاء بالسيئة فليس له في الجنان نصيب . معاشر الناس ! إنّكم أكثر من أن تصافقوني بكفّ واحدة في وقت واحد ، وأمرني الله عزّ وجلّ أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقّدت لعليّ من إمرة المؤمنين ، ومن جاء بعده من الأئمّة منّي ومنه ، على ما أعلمتكم أنّ ذرّيّتي من صلبه ، فقولوا بأجمعكم : إنّا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلّغت عن ربّنا وربّك في أمر عليّ وأمر ولده من صلبه الأئمّة ، نبايعك على ذلك بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا ، على ذلك نحيى ونموت ونبعث ، لا نغيّر ولا نبدّل ولا نشكّ ولا نرتاب ، ولا نرجع عن عهد ، ولا ننقض الميثاق ، ونطيع الله ، وعليّاً أمير المؤمنين ، وولده الأئمّة الّذين ذكرتهم من ذرّيتك من صلبه بعده الحسن والحسين ، الّذَين قد عرّفتكم مكانهما منّى ومحلّهما عندي ، ومنزلتهما من ربّي ، فقد أدّيت ذلك إليكم ، فإنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة ، وإنّهما الإمامان بعد أبيهما عليّ ، وأنا أبوهما قبله ، فقولوا : أطعنا الله بذلك وإيّاك وعليّاً والحسن والحسين والأئمّة الّذين ذكرت عهداً وميثاقاً مأخوذاً لأمير المؤمنين من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافقة أيدينا . مَنْ أدركهما بيده وأقرّ بهما بلسانه ، لا نبتغي بذلك بدلا ، ولا نرى من أنفسنا عنه حولا أبداً ، نحن نؤدّي ذلك عنك الداني والقاصي من أولادنا وأهالينا ، أشهدنا الله وكفى بالله شهيداً ، وأنت علينا به شهيد ، وكلّ من أطاع ممّن ظهر واستتر ، وملائكة الله وجنوده وعبيده ، والله أكبر من كلّ شهيد . معاشر الناس ! ما تقولون ؟ فإنّ الله يعلم كلّ صوت ، وخافية كلّ نفس ( فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فإنّما يضلّ عليها ) [ 46 ] ومن بايع ، فإنّما يبايع الله ( يد الله فوق أيديهم ) [ 47 ] . معاشر الناس ! فاتّقوا الله ، وبايعوا عليّاً أمير المؤمنين - صلوات الله عليه والحسن والحسين والأئمّة ( عليهم السلام ) كلمةً باقيةً بكلمة يهلك الله من غدر ويرحم من وفى ( فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً ) [ 48 ] . معاشر الناس ! قولوا الّذي قلت لكم ، وسلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين ، وقولوا : ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير ) [ 49 ] وقولوا : ( الحمد لله الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) [ 50 ] . معاشر الناس ! إنّ فضائل عليّ بن أبي طالب عند الله عزّ وجلّ وقد أنزلها في القرآن أكثر من أن أُحصيها في مقام واحد ، فمن أنبأكم بها وعرفها فصدّقوه . معاشر الناس ! من يطع الله ورسوله وعليّاً والأئمّة الّذين ذكرتهم ، فقد فاز فوزاً عظيماً . معاشر الناس ! السابقون السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بامرة المؤمنين ، أُولئك الفائزون في جنّات النعيم . معاشر الناس ! قولوا ما يرضي الله عنكم من القول : ( إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً ) [ 51 ] ( فلن يضرّ الله شيئاً ) [ 52 ] اللّهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، واغضب على الكافرين والكافرات ، والحمد لله ربّ العالمين . فنادته الأقوام وجموع الحاضرين : نعم سمعنا وأطعنا أمر الله وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا . ثمّ تداكّوا [ 53 ] على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى عليّ ( عليه السلام ) وصافقوهما بأيديهم ، فكان أوّل من صافقهما الشيخان ، فقال ثانيهما : بخٍّ بخٍّ لك يا أبا الحسن ! أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة ، ثمّ الثالث والرابع والخامس ، ثمّ باقي الناس عن آخرهم على قدر منازلهم . وفي رواية ابن عبّاس ( رضي الله عنه ) هذه الزيادة عن قول النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : معاشر الناس : من أحسن من الله قيلا ، ومن أصدق من الله حديثاً ، إنّ ربّكم جلّ جلاله أمرني أن أُقيم عليّاً عَلَماً للناس ، وخليفةً وإماماً ووصيّاً ، وأن أتّخذه أخاً ووزيراً . معاشر الناس ! إنّ عليّاً باب الهدى من بعدي ، والداعي إلى ربّي ، وهو صالح المؤمنين ( ومن أحسن قولا ممّن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنّني من المسلمين ) [ 54 ] . معاشر الناس ! إنّ عليّاً منّي ، ولده ولدي ، وهو زوج ابنتي وحبيبتي ، أمره أمري ونهيه نهيي . معاشر الناس ! عليكم بطاعته ، واجتناب معصيته ، فإنّ طاعته طاعتي ، ومعصيته معصيتي . معاشر الناس ! إنّ عليّاً صدّيق هذه الأُمّة وفاروقها ومحدّثها ، وإنّه هارونها ويوشعها وآصفها وشمعونها ، وإنّه باب حطّتها ، وسفينة نجاتها ، إنّه طالوتها وذو قرنيها . معاشر الناس ! إنّه محنة الورى ، والحجّة العظمى ، والآية الكبرى ، وإمام أهل الدنيا ، والعروة الوثقى . معاشر الناس ! إنّ عليّاً قسيم النار لا يدخلها وليّ له ولا ينجو منها عدوّ له ، وإنّه قسيم الجنّة لا يدخلها عدوّ له ولا يزحزح عنها وليّ له . معاشر أصحابي ! قد نصحت لكم ولكن لا تحبّون الناصحين . ثمّ نادى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) برفيع صوته أسمع الجموع عن آخرهم ، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أيّها الناس ! ألست أولى بكم من أنفسكم ، فارتفعت الأصوات من كلّ الجهات وقالوا : بلى اللّهمّ بلى ، فنادى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، ألا من كنت نبيّه فهذا عليّ أميره ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله " ثمّ نزل ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من علا منبره ، وأقام في الموضع ثلاثة أيّام حتّى أخذ البيعة لعليّ من جميع من معه من الرجال والنساء ، وقد بلغ عددهم مائة وعشرين ألف نسمة . [ 1 ] دلائل الإمامة : 18 ، وانظر كتاب فضائل عليّ بن أبي طالب وكتاب الولاية : 14 فما بعد . [ 2 ] المناقب : 155 / 183 . [ 3 ] فضائل الصحابة 2 : 596 / 1016 ، مسند أحمد 1 : 84 و 88 و 119 وج 4 : 368 . [ 4 ] المستدرك ( الحاكم ) 3 : 109 فضائل الصحابة ، مجمع الزوائد 1 : 9 وج 9 : 104 . [ 5 ] الغدير 1 : 9 . [ 6 ] بحار الأنوار 37 : 201 . [ 7 ] المائدة : 67 . [ 8 ] المائدة : 55 . [ 9 ] الفتح : 11 . [ 10 ] النور : 15 . [ 11 ] التوبة : 61 . [ 12 ] المائدة : 67 . [ 13 ] البقرة : 24 . . [ 14 ] ما بين القوسين ليس في البحار . [ 15 ] الحشر : 18 . [ 16 ] المائدة : 8 . [ 17 ] الزمر : 56 [ 18 ] آل عمران : 85 . [ 19 ] التوبة : 17 . [ 20 ] البقرة : 162 . [ 22 ] النور : 54 . . [ 21 و 23 ] آل عمران : 102 و 144 . [ 24 ] النساء : 47 . [ 25 ] القصص : 41 . [ 26 ] النحل : 29 . [ 27 و 28 ] الرحمان : 31 و 35 . [ 29 ] آل عمران : 179 . [ 30 ] الأعراف : 181 . [ 31 ] المجادلة : 22 . [ 32 و 34 ] الأنعام : 112 و 82 . [ 33 ] المجادلة : 22 . [ 35 ] الأنبياء : 103 . [ 36 ] الزمر : 73 . . [ 37 ] غافر : 40 . [ 38 ] الأعراف : 38 . [ 39 ] الملك : 8 - 11 . . [ 40 ] الملك : 12 . [ 41 ] الفتح : 10 . [ 42 ] البقرة : 158 . [ 43 ] التوبة : 120 . [ 44 ] الزخرف : 28 . [ 45 ] الحجّ : 1 . [ 46 ] الزمر : 41 . [ 47 ] الفتح : 10 . [ 48 ] الفتح : 10 . [ 49 ] البقرة : 285 . [ 50 ] الأعراف : 43 . [ 51 ] إبراهيم : 8 . [ 52 ] آل عمران : 144 . [ 53 ] أي : ازدحموا . [ 54 ] فصّلت : 33 .

470

نام کتاب : نور الأفهام في علم الكلام نویسنده : السيد حسن الحسيني اللواساني    جلد : 1  صفحه : 470
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست