responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نور الأفهام في علم الكلام نویسنده : السيد حسن الحسيني اللواساني    جلد : 1  صفحه : 389



* وملخّص ذلك - على ما رواه في البحار [ 1 ] وغيره عن ابن أبي الحديد [ 2 ] وسائر علماء العامّة [ 3 ] والخاصّة [ 4 ] ومؤرّخيهم - أنّه لمّا توفّي النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ضحى نهار الاثنين 28 صفر من السنة العاشرة من الهجرة ، بعد خروج أُسامة بجنوده إلى خارج المدينة بيومين ، متوجّهين إلى إحدى الغزوات بأمره ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأُصيب المسلمون بفقد نبيّهم ، ارتجّت المدينة بأهلها ، وكان الشيخان في جيش أُسامة ، وتخلّفا عنهم ورجعا إلى المدينة قبل وفاته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بيوم ، بعد ما سمعا تأكيداته الشديدة بخروج الجيش ، وأنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعن المتخلّف عنهم . وبرجوعهما تخلّف أيضاً كثير من الجيش ورجعوا إلى المدينة حين وفاته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وبادرت الأنصار نحو رئيسهم سعد بن عبادة ، وكان يومئذ مريضاً ملقى في فراشه ، فاجتمعوا لديه ، ثمّ حملوه وأتوا به إلى سقيفة بني ساعدة ليبايعوه على الخلافة . وبلغ الخبر لعمر ، فمضى مسرعاً إلى أبي بكر ، ثمّ نهض معه إلى السقيفة مسرعين ، يصاحبهما ابن الجرّاح إلى أن دخلوها ، وفيها خلق كثير ، وأخذوا يتخاصمون بينهم في أمر البيعة ، وأطالوا في ذلك . إلى أن قال لهم أبو بكر : إنّما أدعوكم إلى عبيدة بن الجرّاح ، أو عمر ، قد رضيتُ لهذا كليهما ، وكلاهما أراه أهلا للخلافة ، فأجابهما الرجلان ، قالا : ما ينبغي لنا أن نتقدّمك يا أبا بكر ، أنت أقدمنا إسلاماً ، وأنت صاحب الغار وثاني اثنين ، فأنت أحقّ بهذا الأمر وأولانا به . وعند ذلك أحسّت الأنصار بعقد معاهدة بين الثلاثة ، وخافوا من وقوع الفتنة وغلبة الخزرج عليهم بمعاضدة الثلاثة ، وبذلك ربما ينتهي أمر الخلافة إلى عليّ ( عليه السلام ) وكان يومئذ مشغولا بتجهيز النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وغُسله وكفنه . وصرخوا بأجمعهم على الثلاثة ، وقالوا : نحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منّا ولا منكم ، فسارعوا نجعل منّا أميراً ومنكم أميراً ونرضى به . فأجابهم أبو بكر بثناء عليهم طويل ، سكن بذلك روعهم ، وأطمعهم في نصب أميرين . فاعترضهم عمر بقوله : هيهات ! لا يجتمع سيفان في غمد واحد . ثمّ توجّه إلى الأنصار وقال : لا ترضى العرب أن تؤمّركم ونبيّها من غيركم . ثمّ أخذ يثني على نفسه وعلى قبيلته ، بانتسابهم إلى بيت النبوّة ، وأولويّتهم بذلك للخلافة . ثمّ جعل يهدّد الجموع على المخالفة ، وأطنب في ذلك . فقام إليه الحباب بن منذر - وهو أحد وجوه القوم - واعترضه . ثمّ توجّه إلى الأنصار وقال : يا معشر الأنصار ! أمسكوا على أيديكم ، لا تسمعوا مقال هذا الجاهل . وأطال في مقالته وتهديد مَن يخالفهم بالسيف المحطم لأنفه . ثمّ قام ابن الجرّاح بإشارة من عمر ، وأطنب أيضاً في خطابه المشتمل على مدح الأنصار ، وكان فيهم بشير بن سعد - أحد الوجوه الطامعين في الإمارة - وكان يحسد سعد بن عبادة ، وخائفاً من تأمير القوم له ، فأخذ يفسد الأمر عليه ، ويحرّض الناس على تأمير بعض المهاجرين من قريش . وكثر اللَغَط بين الجموع ، وارتفعت الأصوات ، واشتدّ النزاع والمخاصمات ، إلى أن عاد أبو بكر لكلامه ، وأخذ ينادي فيهم : أيّها الناس ! هذا عمر وأبو عبيدة شيخا قريش ، فبايعوا أيّهما شئتم ، فأجابه الرجلان وقالا : نحن لا نتولّى الأمر عليك ، أُمدد يدك نبايعك . فقام إليهما بشير بن سعد وقال : وأنا ثالثكما ، فمدّ أبو بكر يده وبايعه الثلاثة ثمّ تبعهم الحضّار من الأوس والخزرج شيئاً فشيئاً ، فتزاحموا على ذلك ، ووطؤوا سعد بن عبادة في فراش مرضه ، وهو يصرخ وينادي : آه ، قتلتموني ، وعمر ينادي : اقتلوا سعداً قتله الله ! إلى أن وثب ابنه قيس بن سعد ، وأخذ بلحية عمر وقال له : والله يا بن الصهّاك الحبشيّة الجبان الفرّار في الحروب والليث في الأمن ، لو حركت منه شعرة ما رجعت إلى وجهك ضاحكة ، أي : ما أبقيتُ لك سنّاً تبدو عند الضحك . وناداه سعد بنفسه : يا بن صهّاك ، أما والله لو أنّ لي قوّة على النهوض لسمعتما منّي في سككها زئيراً أزعجتك وأصحابك ، ولألحقتكما بقوم كنتما فيهم أذناباً أذلاّء ، تابعين غير متبوعين ، لقد اجترأتما . ثمّ حمله بعض عشيرته إلى بيته . ولمّا كان الغد بعث إليه أبو بكر وسأله البيعة ، فأبى أشدّ الإباء ، وهَمّ عُمر أن يهاجمه بجموعه ليُكرهوه على البيعة ، فنهاه عن ذلك بشير بن سعد . واعتزل سعد عنهم بخواصّه ، حتّى انقضت أيّام أبي بكر ، وتولّى عمر الإمارة . فخرج سعد بمن معه نحو الشام ، وقُتل في حوران بسهم أصابه بالليل . ثمّ إنّ الجموع تفرّقوا عن السقيفة ، وقام عمر بمن معه يدور في الأزقّة والأسواق ، وعلى أبواب الدور يدعون الناس إلى بيعة أبي بكر ، ولم يزالوا كذلك ثلاثة أيّام يهدّدون القبائل ، حتّى بايعه أكثر أهل المدينة كرهاً وخوفاً ، أو رغبةً وطمعاً في الجاه والمال ، ما عدا بنو هاشم ومن تبعهم من المهاجرين والأنصار ، فإنّهم كانوا مشتغلين بإقامة العزاء على النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والصلاة على جنازته المقدّسة الّتي حُرم منها أهل السقيفة ، حتّى واروه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في تربته الشريفة في أُخريات النهار الثالث من رحلته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . ولمّا كان اليوم الرابع قام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بمن معه من بني هاشم وسائر المهاجرين والأنصار ، وفيهم الزبير بن العوّام ابن عمّة النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) حتّى دخلوا المسجد وجلسوا ناحيةً منه . ثمّ أقبل عثمان وجلس ناحيةً أُخرى منه ، واجتمع إليه بنو أُميّة . ثمّ دخل عبد الرحمان بن عوف وجلس ناحيةً ثالثة منه ، واجتمع إليه بنو زهرة . وجعل كلّ من الفرق الثلاث يتذاكرون بينهم في أمر الخلافة . وبينما هم كذلك ، إذ دخل أبو بكر يتبعه عمر وابن الجرّاح يشدّدان على الجموع بالبيعة لأبي بكر ، معاتبين مهدّدين لهم على التخلّف عنه ، فقام عثمان بمن معه وبايعوه ، ثمّ تبعه على ذلك ابن عوف بمن معه . وأمّا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومن معه فلم يبايعوا ، وقاموا منصرفين بأجمعهم إلى دار عليّ ( عليه السلام ) واجتمعوا عنده . وبينما هم يتذاكرون في الأمر ، إذ هجم عمر بمن معه على باب الدار يدعونهم للخروج والبيعة بشدّة وتهديد ، حتّى خرج إليهم الزبير ، مصلتاً سيفه ليُدافعهم فأحدق به القوم وتكاثروا عليه ، إلى أن انتزعوه سيفه وكسروه ، ثمّ أحدقوا بسائر مَن في الدار من بني هاشم وغيرهم ، وأخرجوهم إلى المسجد ، وأكرهوهم على البيعة لصاحبهم . ثمّ رجعوا إلى عليّ ( عليه السلام ) نفسه ودعوه إلى البيعة ، فأبى ( عليه السلام ) ذلك عليهم أشدّ إباء ، وأخذ ( عليه السلام ) يخاصمهم ويحاججهم طويلا ، إلى أن قال : " أنا أحقّ بهذا الأمر ، وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من الرسول ، وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً " . إلى أن قال ( عليه السلام ) : " أنا أولى برسول الله حيّاً وميّتاً ، وأنا وَصيّه ووزيره ، ومستودع سرِّه وعِلمِه ، وأنا الصدّيق الأكبر ، أوّل من آمن به وصدّقه ، وأحسنكم بلاءً في جهاد المشركين ، وأعرفكم بالكتاب والسنّة ، وأذربكم لساناً ، وأثبتكم جَناناً " إلى آخر ما خطب وبيّن ( عليه السلام ) . فردّ عليه عمر بقوله : أنت لست مَتروكاً حتّى تبايع طوعاً أو كرهاً . فأجابه الإمام ( عليه السلام ) وقال له : " احلب حلباً لك شطره ، اشدد له اليوم ليرد عليك غداً " . ثمّ أقبل أبو بكر بجمع من أصحابه حتّى دخلوا عليه وكلّموه في ذلك كثيراً ، وأخذ أبو بكر يلاطفه ، وابن الجرّاح يتوسّل به للبيعة ، وهو ( عليه السلام ) لا يزداد بكلّ ذلك إلاّ امتناعاً ونفوراً . إلى أن قال ( عليه السلام ) : " يا معاشر المهاجرين والأنصار ، الله الله ! لا تنسوا عهد نبيّكم إليكم في أمري ، ولا تخرجوا سلطان محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم " إلى آخر مواعظه وتذكيراته . ثمّ استشهدهم على نصب النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) له ، وأحلفهم بالله أن يشهد له بذلك من حضر يوم الغدير ، وسمع نصّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيه ، فقام اثنا عشر بدريّاً ممّن شهد الوقعة ، والكلّ شهدوا بذلك ، ما عدا زيد بن أرقم ، فإنّه كان ممّن حضر الغدير ، ولمّا استشهده الإمام ( عليه السلام ) يومئذ كتم الشهادة ، وأنكر ما كان قد سمعه من النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم الغدير ، فدعا عليه الإمام ، وبذلك ابتُلي الرجل بالبرص ، وعميت عيناه بعد أيّام قليلة [ 5 ] . ثمّ قام القوم وانصرفوا بأجمعهم ، وكثر الخلاف واللغط في خلافة أبي بكر ، واشتدّت الخصومات بين الناس في المجامع والمحافل ، وارتفعت الأصوات في المسجد ، وكادت الفتنة أن تقع حتّى فرّقهم عمر . ثمّ لمّا كان الغد ، اجتمع خلق كثير أيضاً في المسجد ، فقام عندئذ أبو بكر وصعد منبر النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجلس مجلسه ، فأنكر ذلك جمع من وجوه المهاجرين والأنصار ، وهَمّوا أن يتهاجموا عليه وينزلوه من مجلسه . ثمّ اجتمعوا بينهم يتناجون ويتشاورون في ذلك ، إلى أن اتّفقت آراؤهم على استشارة عليّ ( عليه السلام ) في ذلك ، فقاموا وانصرفوا إليه ، ودخلوا عليه ، واستشاروه في الأمر . فمنعهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن ذلك ، حذراً من وقوع الفتنة والشرّ ، واضطراره حينئذ بالدخول معهم ، وأنّ ذلك مخالف لما أمره النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) به من الصبر وكظم الغيظ وإغماد السيف . ثمّ إنّه ( عليه السلام ) أمَرَهم بالانصراف إلى أبي بكر ، ووعظه وتذكيره بما سمعوه من النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في أمر الخلافة ووصاية عليّ ( عليه السلام ) . فرجع القوم إلى المسجد وأحدقوا بالمنبر ، وعليه أبو بكر ، وكان يوم الجمعة ، فقام أوّلهم خالد بن سعيد الأُموي ، وسبق أصحابه في وعظ الرجل بقوله : اتّق الله يا أبا بكر ! ثمّ أطنب في نصيحته وتذكيره بوصايا النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في عليّ ( عليه السلام ) إلى أن اعترضه ابن الخطّاب وقال له : اسكت يا خالد ! فلستَ من أهل المشورة ولا ممّن يُقتدى برأيه ، فردّ عليه خالد بغلظة ونهره بشدّة وقال له : اسكت أنت يا بن الخطّاب ! فإنّك تنطق على لسان غيرك ، وأيم الله لقد علمت قريش أنّك من ألئمها حسباً ، وأدناها نسباً ومنصباً ، وأخسّهم قدراً ، وأخملهم ذكراً ، وأقلّهم عناءً عن الله ورسوله ، وأنّك لجبانٌ في الحروب ، بَخيل في المال ، لئيم العنصر ، ما لَكَ في قريش من فخر ، ولا في الحروب من ذِكر ، وأنّك في هذا الأمر بمنزلة الشيطان : ( إذ قال للإنسان اكفر فلمّا كفر قال إنّي بريءٌ منك ) [ 6 ] إلى آخر كلامه . ثمّ قام سلمان ، ثمّ أبوذرّ ، ثمّ المقداد ، ثمّ بريدة ، ثمّ عمّار ، ثمّ بقيّة أصحابهم رضي الله عنهم الّذين أنكروا على أبي بكر تقدّمه ، وكلّ منهم أطنب في الاعتراض عليه ، ووعظه وتذكيره بوصايا النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وتعيينه عليّاً ( عليه السلام ) للخلافة بعده . ثمّ أقبل كلّ منهم على الّذين بايعوا الرجل ، وأطنبوا في الوعظ لهم والانتقاد عليهم ، ولومهم على بيعتهم له . وأطالوا في ذلك بما لا يحتمل المقام ذكر جميعها ، على ما هو مذكور بتفاصيله في كتب الأحاديث والتواريخ والتفاسير ، ومن أرادها فليراجع المجلّد الثامن من البحار [ 7 ] وأمثاله من الكتب المطوّلة [ 8 ] . وفي كلّ ذلك كان الرجل على المنبر ساكتاً متفكّراً ، إلى أن نادى في الجموع برفيع صوته : يا قوم وليّتُكم ولستُ بخيركم وعليٌّ فيكم ، أقيلوني أقيلوني . فقام إليه عمر مغضباً وقال له : انزل يا لكع - أي : اللئيم الأحمق - إذا كنت لا تقُوم بحجج قريش ، لِمَ أقمت نفسك هذا المقام ، والله لقد همَمتُ أن أخلعك وأجعلها في سالم مولى أبي حذيفة . فلم يردّ عليه أبو بكر بشيء ، ونزل من علا المنبر ، وانصرف إلى بيته لم يخرج منه ثلاثة أيّام . ولمّا كان اليوم الرابع ، أقبل إليه خالد بن الوليد في ألف مقاتل ، ثمّ سالم في ألف مقاتل ، ثمّ معاذ بن جبل في ألف مقاتل ، ثمّ رابع لهم في ألف مقاتل ، ولمّا تكاملوا أربعة آلاف شاهرين السيوف ، يقدّمهم عمر ، اجتمعوا لديه ، ودعوه للخروج إلى المسجد ، فأجابهم الرجل إلى ذلك ، وانطلق معهم . ولمّا دخلوا المسجد وجدوا عليّاً ( عليه السلام ) في ناحية منه ، وقد أحاط به وجوه الصحابة واحتفّوا حوله ، فجرّد عمر سيفه ، ونادى فيهم برفيع صوته : والله يا أصحاب عليّ لئن ذهب الرجل منكم يتكلّم بالّذي تكلّم به بالأمس لنأخذَنّ الّذي فيه عيناه ! فقام إليه خالد بن سعيد وصرخ عليه مجابهاً له بشدّة وتهديد ، وارتفعت الأصوات من الجانبين ، وكثُر الغوغاء ، وكادت الفتنة أن تقع بشدّة . فأمر أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ) أصحابه بالجلوس والسكوت وإطفاء النائرة وإخماد الشرّ ، فجلسوا وسكتوا . ثمّ قام سلمان ( رضي الله عنه ) وأخذ يذكر ما سمعه من النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من ارتداد كثير من أُمّته بعد وفاته ، واهتمامهم بقتل خليفته ووصيّه ، كما قال تعالى : ( وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) [ 9 ] . إلى أن قام إليه عمر وَهمَّ أن يبطش به ، فوثب إليه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأخذ بمجامعه وجلد به الأرض ، وقال له : " يا بن الصهّاك الحبشيّة ! لولا كتاب من الله سبق ، وعهد من الله تقدّم ، لأريتك أيّنا أضعف ناصراً وأقلّ عدداً " [ 10 ] . ثمّ توجّه ( عليه السلام ) نحو أصحابه ، وأمرهم بالانصراف إلى منازلهم ، وخرج هو ( عليه السلام ) وحلف أن لا يدخل المسجد إلاّ لزيارة قبر النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو لقضيّة يقضيها . وعندئذ أمن القوم من بطشه ، وبذلك صفا لهم الأمر ، وسعوا بكلّ جِدّ وجهد وقوّة وبطش في تثبيت إمارة أبي بكر إلى أن بلغهم أنّ كثيراً من الصحابة تستّروا في بيوتهم ، حذراً من إكراههم على البيعة . فعند ذلك شَمَّر عمر ذيله وشدّ وسطه ، وقام بجموعه يطوف في المدينة ، وينادي برفيع صوته في شوارعها يقول : ألا أنّ أبا بكر قد بويع ، فهلُمّوا إلى البيعة . ثمّ جعل يهاجم دور المتستّرين بجموعه ، ويخرجون كلاّ منهم إلى المسجد جبراً ، ويأخذون منه البيعة كرهاً ، حتّى لم يبقَ أحد منهم غير عليّ ( عليه السلام ) وبعض خواصّه . ولمّا أخذ القوم مآربهم من البيعة أقبل عمر مع جمع من أصحابه ، ووقفوا على باب دار عليّ ( عليه السلام ) وجعل يناديه ويدعوه إلى البيعة ، فامتنع عليّ ( عليه السلام ) عن ذلك . فدعا عمر بحطب ونار ، وهو يقول : والّذي نفس عمر بيده ليخرجنّ أو لأحرقنّه على ما فيه . فأنكر عليه ذلك بعض أصحابه ، وقالوا له : إنّ فيه فاطمة وآثار رسول الله ، وولداه ، قال : وإن [ 11 ] إلى آخر ما كان ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله . راجع في شرح كلّ ذلك ما أشرنا إليه من كتب السير والتواريخ المفصّلة المعدّة لذلك ، وكذا كتب أحاديث الفريقين ممّا لا يحتمله المقام . [ 1 ] البحار 28 : 178 - 223 . [ 2 ] شرح نهج البلاغة 2 : 37 وج 6 : 5 . [ 3 ] الإمامة والسياسة ( لابن قتيبة ) 1 : 23 ، تاريخ الطبري 2 : 443 ، الكامل ( لابن الأثير ) 2 : 325 ، السقيفة وفدك ( الجوهري ) : 59 . [ 4 ] الاحتجاج ( للطبرسي ) 1 : 71 - 90 ، شرح أُصول الكافي ( للمازندراني ) 12 : 884 ، إحقاق الحقّ 2 : 344 . [ 5 ] والمعروف أنّ أنس بن مالك ابتُلي بالبرص ، وذهب بصر زيد بن أرقم حين كتما الشهادة بحديث الغدير ، راجع خلاصة عبقات الأنوار 3 : 261 ، شرح نهج البلاغة ( ابن أبي الحديد ) 4 : 74 ، أرجح المطالب : 216 ، المعارف ( لابن قتيبة ) : 580 . [ 6 ] الحشر : 16 . [ 7 ] بحار الأنوار 28 : 180 - 203 ، الاحتجاج ( للطبرسي ) 1 : 70 . [ 8 ] تفسير القرطبي 7 : 172 ، الإمامة والسياسة 1 : 31 ، شرح نهج البلاغة ( لابن أبي الحديد ) 1 : 169 ، شرح نهج البلاغة ( للشيخ محمّد عبده ) 1 : 32 ، الاحتجاج ( للطبرسي ) 1 : 79 ، المسترشد ( لمحمّد بن جرير الطبري ) : 136 ، وانظر الرسائل العشر ( للشيخ الطوسي ) : 123 ، كشف القناع ( للبهوتي ) 6 : 203 . [ 9 ] آل عمران : 144 . [ 10 ] الاحتجاج ( للطبرسي ) 1 : 79 . [ 11 ] الأنساب ( للبلاذري ) 2 : 268 ، الإمامة والسياسة 1 : 30 ، المسترشد ( لمحمّد بن جرير الطبري ) : 224 ، العقد الفريد 5 : 13 ، كنز العمّال 5 : 651 / 14138 ، الشافي ( للسيّد المرتضى ) 3 : 241 ، وأشار إليه في مروج الذهب 2 : 301 .

389

نام کتاب : نور الأفهام في علم الكلام نویسنده : السيد حسن الحسيني اللواساني    جلد : 1  صفحه : 389
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست