responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نور الأفهام في علم الكلام نویسنده : السيد حسن الحسيني اللواساني    جلد : 1  صفحه : 353


وكم له ما شطّ عن طوع البشر * كما لأُمّ معبد منه ظهر


( * ) وعن المناقب أنّه كان للنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من المعجزات ما لم يكن لغيره من الأنبياء : وذكر أنّ له أربعة آلاف وأربعمائة وأربعون معجزة ، ومجموعها أربعة أنواع . فنوع قبل ميلاده ، ونوع بعد ميلاده قبل بعثته ، ونوع بعد بعثته ونوع بعد رحلته ، وإنّ أقواها وأبقاها القرآن لوجوه : أحدها : ما أثبته الكلّ من أنّ معجزة كلّ رسول كان موافقاً للأغلب من أحوال عصره كما بعث الله موسى ( عليه السلام ) في عصر السحرة بالعصا ، فإذا هي تلقف ما يأفكون ، فأبهر كلّ ساحر ، وبعث عيسى ( عليه السلام ) وكان قومه يومئذ أطبّاء ، فأعطاه معجزة إبراء الأكمه والأبرص ، وإحياء الموتى بما دهش كلّ طبيب ، وقوم محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كانوا فصحاء بلغاء ، فبعثه الله بالقرآن في إعجازه بما عجز عنه الفصحاء ، وأذعن له البلغاء . ثانيها : أنّ المعجز في كلّ قوم كان على قدر عقولهم وأفهامهم وكان في قوم موسى وعيسى بلادة وغباوة ولم ينقل عنهم كلام جزل أو معنى بكر ، ولمّا مرّوا على قوم يعكفون على أصنامهم قالوا لنبيّهم : ( اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ) وأمّا العرب فهم أصحّ الناس أفهاماً وأحدّهم أذهاناً فخصّوا بالقرآن بما يدركونه بالفطنة دون البديهة . ثالثها : أنّ معجز القرآن باق في الأعصار ومنتشر في الأقطار شرقاً وغرباً قرناً بعد قرن وعصراً بعد عصر وقد انقرض غيره . وأقول : هذه أواخر القرن الرابع عشر من مبعثه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولم يقدر أحد على معارضته ، ولو كان لبان . وقد صنّف علماء الفريقين ومحدّثوهم من معاجزه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أُلوفاً مؤلّفة ونحن أيضاً ذكرنا شطراً كثيراً منها في تأليفنا ( تاريخ النبيّ أحمد ) في جزئين ، ولا يسعنا المقام لذكرها ، ولكن لا بأس في الإشارة إلى بعضها بنحو الاختصار فإنّه كان لكلّ عضو من أعضائه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) معجزة فمعجزة رأسه أنّ الغمامة كانت تظلّله أينما سار ، ومعجزة عينيه أنّه كان يرى من خلفه كما كان يرى من أمامه ، ومعجزة أُذنيه أنّه كان يسمع الأصوات في المنام كما كان يسمعها في يقظته ، ومعجزة لسانه أنّه كان يستنطق البهائم كالجمل والظبي والضبّ وغيرها فيجيبه كلّ منها ويشهد له بالرسالة ، ومعجزة أصابعه أنّه خرج من بينها الماء حتّى ارتوى منه جمع كثير ، ومعجزة يده أنّه كان يأتيه الحسنان ( عليهما السلام ) في ظلمة الليل وعندما يسمع صوتهما يناديهما هلمّا إليَّ ويخرج يده أو سبّابته من ثقب الباب فتضيء لهما كضوء القمر والشمس وكذا عند رجوعهما ، ومعجزة رجليه أنّه كان إذا مشى على الأرض الصلبة أو الحجر القاسي ينتقش عليه أثر قدمه ، وإذا مشى على الأرض الرخوة أو التراب لم يبين عليه أثر قدمه . وشكا إليه جابر من ماء بئر له أنّ فيه زعاقة أو مرورة فغسل النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجليه في طشت ثمّ أمره بإهراق ماء الطشت في البئر فصار ماؤها عذباً ، ومعجزة بدنه أنّه لم يكن له ظلّ في الشمس وكان بين كتفيه ختم النبوّة مكتوب عليه لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله . وولد مختوناً مقطوع الصرّة . وما أعطى الله آية لنبيّ من أنبيائه ( عليهم السلام ) إلاّ وأعطى محمّداً ( صلى الله عليه وآله ) مثلها أو أعظم منها ، فإنّ لموسى الكليم ( عليه السلام ) انقلبت عصا واحدة ثعباناً ، للنبيّ الخاتم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انقلبت جذوع سقوف اليهود ثعباناً وأفاعي وهي أكثر من مائة ألف جذع بعد ما اجتمعوا لديه وسألوه آية كآية عصا الكليم وجعلوا يستهزؤون به ويضحكون على كلامه حين ما أوعدهم بذلك ، ولمّا رجعوا إلى منازلهم وظهر لهم صدق وعيده تصدّعت مرارات أربعة منهم وهلكوا من حينهم ، وغشي على الباقين إلى غداة وقد خبل جماعة منهم ، وتوسّل جمع منهم به ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فآمنوا وسلّموا . وإنّ طوفان الكليم ( عليه السلام ) أغرق فرعون وجنوده في البحر ، وطوفان النبيّ الخاتم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أغرق مائتي رجل بالمطر والسيل في غزوة أُحد وكانوا من المشركين ، بعثهم أبو سفيان في جوف الليل ليجتزّوا رأس المقتول ثابت بن الأفلح من أصحاب النبيّ ، فهبّت ريح شديدة حتّى رمت بجثّته في واد منحدر وتبعها المشركون فأرسل الله عليهم وابلا عظيماً فأغرقهم ولم يبق لجثّثهم ولا لجثّة المقتول عين ولا أثر . وإن كان الجراد آية للكليم ( عليه السلام ) أرسلها الله على زروع بني إسرائيل حتّى أكلتها وبذلك محلوا . فإنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سفره إلى الشام خرج ذات يوم في طريقه لقضاء الحاجة وبعد من القافلة فتبعه مائتا رجل من اليهود ليقتلوه ، ولمّا لحقوه وسلّوا عليه سيوفهم أثار الله من تحت رجله من الرمل جراداً كثيراً أحاطت بهم وجعلت تأكل لحومهم وعظامهم حتّى لم تبق منهم شيئاً وذلك أعظم من أكلها زروع بني إسرائيل . وإن كان الله سلّط على كفرة بني إسرائيل القمّل آية لموسى ( عليه السلام ) فقد جعل لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أعظم من ذلك فإنّه خرج ذات يوم من المدينة وتبعه بعض المشركين ليقتلوه وهم مائتان فأرسل عليهم قمّلا كثيراً فجعلوا يحكّون أبدانهم واشتغلوا بأنفسهم واستولى عليهم القمّل ودخلت في أفواههم حتّى انطبقت حلوقهم ولم يدخل فيها طعام ولا شراب ولم يتمّ عليهم شهران حتّى هلكوا عن آخرهم بالقمّل والجوع والعطش شيئاً فشيئاً . وإن كان قوم من أصحاب الكليم ( عليه السلام ) سلّط الله عليهم الضفادع فقد أرسل مثلها على قوم أخلاط من اليهود وكفّار العرب حين ما همّوا بقتل النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الموسم ولمّا خرجوا نحو مكّة بلغوا بركة في بعض الطريق فملؤوا رواياهم وارتحلوا حتّى حطّوا رواحلهم في أرض ذات جرز وضفادع فاستولت على مزاودهم حتّى خرقتها وسالت مياهها وغلب عليهم العطش ورجعوا إلى البركة وإذا الضفادع قد نقبت أُصولها وغار ماؤها فلم يلبثوا حتّى هلكوا عن آخرهم عطشاً إلاّ رجل واحد منهم لم يزل يتوسّل بالنبيّ ويكتب اسمه على بعض جوارحه . وإن كان قوم من بني إسرائيل هلكوا بالدم من أضراسهم فكان طعامهم وشرابهم يختلط بالدم ولبثوا كذلك أربعين صباحاً معذّبين حتّى هلكوا بأجمعهم ، فقد أهلك الله بمثله أربعين من المنافقين وسلّط عليهم الرعاف وسيلان الدم من أضراسهم فكان طعامهم وشرابهم يختلط بالدم ولبثوا كذلك أربعين صباحاً معذّبين وهلكوا بأجمعهم وذلك باستهزائهم بأبي سعيد الخدري حينما شرب الدم الخارج من حجامة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فعاتبه النبيّ على ذلك ثمّ بشّره بأنّ الله حرّم لحمه ودمه على النار وأخبره أنّ الله يهلك أُولئك المستهزئين به بالدم . وقد أخبر الله تعالى من آيات الكليم ( عليه السلام ) بقوله سبحانه : ( فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم آيات مفصّلات ) . وكذا ما وقع في قوم فرعون من الطمس لأموالهم وما وقع لقوم يوسف الصديق ( عليه السلام ) من القحط والجوع . فقد وقع مثله وأعظم منه في مضر وهم قبيلة من العرب فإنّ النبيّ دعا عليهم بقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " اللّهمّ أُشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف " فابتلاهم الله بالقحط والجوع ، فكان الطعام يجلب إليهم من كلّ ناحية فإذا اشتروه لم يصلوا إلى بيوتهم حتّى يفسد وينتن ويتسوّس وأضر بهم الجوع وجعلوا ينبشون القبور ويأكلون الموتى والكلاب ويذبحون أولادهم ويأكلون لحومهم إلى أن اجتمع رؤساؤهم عند النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتابوا من أذاياهم له ، دعا لهم فعاد إليهم الخصب والسعة وذلك قوله تعالى فيهم : ( فليعبدوا ربّ هذا البيت الّذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) . وإنّ تفاصيل تلك المجملات مذكورة في الكتب المطوّلة كمجلدات البحار وكتب التفاسير والأحاديث ولا يسمح المقام شرحها ولا ذكر سائر معاجزه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وقد ولد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على المشهور عندنا في اليوم السابع عشر من شهر ربيع الأوّل عند طلوع الفجر في مكّة المكرّمة في الدار المعروفة بدار محمّد بن يوسف في السابع عشر من ديماه الفرس والعشرين من نيسان الرومي في عهد كسرى أنوشروان ملك الفرس العادل في الرعية في سنة 42 من سلطنته في عام الفيل أو بعده بثلاثين سنة أو أكثر ، وقد أحاطت أربعة من الحور النازلة من السماء بأُمّه آمنة حين ولادته ، ولمّا ولد سجد بجبهته على الأرض ورفع سبّابتيه نحو السماء وهو يقول : لا إله إلاّ الله ، وسمعت أُمّه عندئذ منادياً ينادي : صلّى الإله وكلّ عبد صالح * والطيّبون على السراج الواضح المصطفى خير الأنام محمّد * الطاهر العلم الضياء اللائح زين الأنام المصطفى علم الهدى * الصادق البرّ التقي الناصح إلى آخره . وفي صبيحة ولادته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انكبّت أصنام المشركين في أقطار الأرض على وجوهها واهتزّ إيوان كسرى وسقطت منها أربعة عشر شرفة ، وغاضت بحيرة ساوة وفاض وادي السماوة وخمدت نيران الفرس وكانت مشتعلة ألف سنة لم تخمد ولم يبق في ليلة ميلاده ملك من ملوك الأرض إلاّ أصبح مخرساً وأصبح سريره منكوساً وانتزع علم الكهنة وبطل سحر السحرة . وقد كتب علماء الفريقين في معاجزه المتواترة كتباً كثيرة بطرق عديدة يضيق المقام عن ذكر شطر منها فضلا عن استقصائها . فمنها : معجزاته في إطاعة الجمادات والنباتات الأرضية له . ومنها : معاجزه في الآفاق السماوية من انشقاق القمر ورجوع الشمس بعد غيابها وتظليل الغيم له ونزول الموائد عليه من السماء . ومنها : تكلّم الأشجار والبهائم الصامتة والأطفال الرضّع معه وشهادة الكلّ له بالرسالة ولصهره وابن عمّه ( عليه السلام ) بالخلافة والإمامة . ومنها : معجزاته في استجابة دعائه لشفاء المرضى وإحياء الموتى وإفاقة المجانين . ومنها : ما ظهر منه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من تكثير الطعام القليل وإشباع الجموع الكثيرة منه وسقيهم رياً من الماء القليل . ومنها : سرعة إجابة دعائه على المشركين في غزوة بدر ، وقد أنشد فيه حسّان بن ثابت في قصيدة له بقوله : وإن كان لوط دعا ربّه * على القوم فاستؤصلوا بالبلا فإنّ النبيّ ببدر دعا * على المشركين بسيف الفنا فناداه جبريل من فوقه * بلبّيك لبّيك سل ما تشأ ومنها : عروجه إلى الملأ الأعلى ليلة المعراج حتّى دنا من ربّه إلى قاب قوسين أو أدنى وقال فيه أيضاً حسّان : لئن كلّم الله موسى على * شريف من الطور يوم الندا فإنّ النبيّ أبا قاسم * حبي بالرسالة فوق السماء وقد سار بالقرب من ربّه * على قاب قوسين لما دنا وإن فجّر الماء موسى لكم * عيوناً من الصخر ضرب العصا فمن كفّ أحمد قد فجرت * عيون من الماء يوم الظما وإن كان هارون من بعده * حبي بالوزارة يوم الملا فإنّ الوزارة قد نالها * عليّ بلا شكّ يوم الغدا وإن كان نوح نجا سالما * على الفلك بالقوم لمّا نجى فإنّ النبيّ نجا سالما * إلى الغار في الليل لمّا دجا وإن كان داود قد أوّبت * جبال لديه وطير الهوا ففي كفّ أحمد قد سبّحت * بتقديس ربّي صغار الحصا وإن كانت الجنّ قد ساسها * سليمان والريح تجري رخا فشهر غدوّ به دائبا * وشهر رواح به إن يشا فإنّ النبيّ سرى ليلة * من المسجدين إلى المرتقى وإن كان يحيى بكت عينه * صغيراً وطهره في الصبا فإنّ النبيّ بكى قائما * حزيناً على الرجل خوف الرجا فنودي طه أبا قاسم * فلا تشقّ بالوحي لمّا أتى وإن كان من مات يحيى لكم * يناديه عيسى بربّ العلا فإنّ الذراع لقد سمّها * يهود لأحمد يوم القرى فنادته إنّي لمسمومة * فلا تقربنّي وقيت الأذى

353

نام کتاب : نور الأفهام في علم الكلام نویسنده : السيد حسن الحسيني اللواساني    جلد : 1  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست