بل كان يفرّ من كلّ مقام وجاه واستعلاء نفساني ويحذر منه ، وكان يطلب ذلك من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) طلباً أكيداً . وكان السيّد المرحوم يأمل أن يحلّق أولاده وأحفاده في سماء الكمال والرشد بجناحي العلم والعمل . فكان يوصيهم على الدوام وينصحهم في اتّباع طريقة السلف الصالح بعزم راسخ والتوجّه والانصراف إلى تحصيل العلوم الدينية والمعارف الإلهية لكي يزدادوا درجة ويقيناً . وكان يشرط رضاه عنهم بانخراطهم في طريق الحقّ والحقيقة ، وتحصيل العلم والمعرفة ، وتسلّق مراتب الكمال . مخالفته لهوى النفس : إنّ الرقي إلى المراتب المعنوية والتمتّع بقرب الله تعالى لا يتيسّر إلاّ بالاجتناب عن هوى النفس ومطالباتها . فكلّما يبتعد عن النفس ومقاصدها وتعلّقاتها يصفو الباطن أكثر ، ويصير مرآة تعكس أنوار الله تعالى . ثمّ إنّ مخالفة النفس وعدم الالتفات إليها وسحقها أمر صعب ومشكل ، وهو بالنسبة للعالم المتبحّر أصعب وأشكل . ويحدّثنا الولد الأكبر للمرحوم عن أيّام شبابه ويقول : حينما أقام السيّد في لبنان أظهر مسؤولي الحكومة وسفراء الدول الخارجية في لبنان رغبتهم في زيارته ، فكان السفير بعد تسليم أوراق اعتماده لرئيس الجمهورية يزور في المرتبة الثانية السيّد اللواساني في جنوب لبنان ، وكلّما أصررنا عليه كي يشتري مقاعد للضيوف واستقبالهم عليها ، كان يجيب قائلا : هذه حياتي وطريقتي في الحياة ، من أحبّ فليأت ، ومن أبى ويخاف على هندامه لا إصرار على مجيئه . ومن الطريف أنّ نساء هؤلاء المسؤولين كانت تأتي في أوّل مرّة بهيأتها المبتذلة ، ولكن عندما يعودون للزيارة في المرّة الثانية يلبسون الحجاب ، والسيّد