من هذا المريض المغمى عليه الفاقد للوعي المشارف على الموت ومفارقة الحياة إلى أن شاهد اثنين من الأئمّة ( عليهم السلام ) : الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والإمام الصادق ( عليه السلام ) جاؤوا لعيادته وقالوا له : بُنيّ هل أنت مستعدّ لمفارقة الدنيا ؟ فأجاب : نعم أنا مستعدّ بالخصوص إذا كنت أعلم أنّي سأقدم عليكم ، ولكنّكم تعرفون مدى تأثّر والدتي ، وتشاهدون حالها ودموعها وأنينها وحنينها . وفي هذا الحال قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) - وهو يقف على رأسه - للإمام الصادق ( عليه السلام ) الجالس أمامه : أعطه ، فأعطاه كأساً زجاجياً وقال له : اشرب ، فأخذ الكأس وأراد أن يشرب ، فلم يجد فيه شيئاً إلاّ قطرة واحدة سقطت في فمه في آخر لحظة . ولمّا نزلت تلك القطرة في أحشائه أحسّ العافية والصحّة والشفاء ، فقوي ونهض ونزل إلى الطابق الأسفل ، وإذا الوالدة تشاهد ولدها المسجّى الّذي تركته وهو في حال النزع واقفاً أمامها ، فاضطربت وصاحت ماذا حدث ؟ ! فأجابها : سأُخبرك ، ولكنّي جائع جدّاً ، آتني بالغذاء ، فإنّي أحسّ بالجوع والشره للطعام . وعلى أيّ حال فقد صار هذا التماثل والشفاء نقطة عطف في حياته والحمد لله . زواجه : وفي العشرين من عمره وبطلب من والدته تزوّج كريمة الخطيب المرحوم السيّد محمّد اللواساني ، فأثمر هذا القِران المقدّس ولداً وبنتين . ثمّ إنّ جدّنا الماجد السيّد حسن اللواساني عندما شاع الطاعون في العراق في سنة 1333 ه . ق صمّم على ترك العراق والهجرة إلى إيران ؛ لكي يحفظ أهله وعياله من البلاء ، فتحرّك نحو إيران هو ووالدته وأُخته وزوجته وأولاده الثلاثة ، ولكن في الطريق ظهر أثر المرض على عائلته وتوفّيت والدته في مدينة الكاظمين . ومات على أثرها باقي أفراد العائلة في طريق سفرهم إلى طهران ، فدفنهم بيده في كنگاور ( محافظة همدان ) ورجع وحيداً إلى طهران مع عالم من الحزن والمصاب والغربة والوحشة وفقد الأقربين . واستمرّ على هذا الحال مدّة من عمره .