نام کتاب : نهج الحق وكشف الصدق نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 69
وهذا مكابرة للحس ، وتكذيب للضرورة الحاكمة بخلافه ، فإنه لا حكم أجلى عند العقل من أن اللون الذي شاهدته في الثوب حين فتح العين ، هو الذي شاهدته قبل طبقها ، وأنه لم يعدم ولم يتغير ، وأي حكم أجلى عند العقل من هذا وأظهر منه ؟ ثم إنه يلزم منه محالات : الأول : أن يكون الإنسان وغيره يعدم في كل آن ، ثم يوجد في آن بعده ، لأن الإنسان ليس انسانا باعتبار الجواهر الأفراد التي فيه عندهم ، بل لا بد في تحقق كونه انسانا من أعراض قائمة بتلك الجواهر : من لون ، وشكل ، ومقدار ، وغيرها من مشخصاته ، ومعلوم بالضرورة أن كل عاقل يجد نفسه باقية لا تتغير في كل آن ، ومن خالف ذلك كان سوفسطائيا . وهل إنكار السوفسطائيين للقضايا الحسية ، عند بعض الاعتبارات أبلغ من إنكار كل أحد بقاء ذاته ، وبقاء جميع المشاهدات آنين من الزمان ؟ . فلينظر المقلد المنصف في هذه المقالة ، التي ذهب إليها الذي قلده ، ويعرض على عقله حكمه بها ، وهل يقصر حكمه ببقائه ، وبقاء المشاهدات عن أجلى الضروريات ؟ ويعلم أن إمامه الذي قلده : إن قصر ذهنه عن إدراك فساد هذه المقالة ، فقد قلد من لا يستحق التقليد ، وأنه قد التجأ إلى ركن غير شديد . . [1] وإن لم يقصر ذهنه ، فقد غشه ، وأخفى عنه مذهبه ، وقد قال صلى الله عليه وآله : " من غشنا فليس منا " [2] . الثاني : أنه يلزم تكذيب الحس الدال على الوحدة ، وعدم التغير ، كما تقدم . الثالث : أنه لو لم يبق العرض إلا آنا واحدا لم يدم نوعه ( لم يلزم تأبيد نوعه ) ، فكان السواد إذا عدم ، لم يجب أن يخلفه سواد آخر ، بل
[1] هذه الجملة اقتباس من قوله تعالى : " قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " هود : 80 . [2] صحيح مسلم ج 1 ص 45 ، بطريقين ، عن أبي هريرة ، وكنز العمال ج 4 ص 33 عنه ، وعن أبي الحمراء .
69
نام کتاب : نهج الحق وكشف الصدق نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 69