نام کتاب : نهج الحق وكشف الصدق نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 62
وكيف يصح منه تعالى أن يقول في الأزل : " يا أيها الناس اعبدوا ربكم " [1] ولا مخاطب هناك ، ولا ناس عنده ؟ . ويقول : " يا أيها الذين آمنوا " [2] و " أقيموا الصلاة " [3] . و " لا تأكلوا أموالكم " [4] " ولا تقتلوا أولادكم " [5] " وأوفوا بالعقود " [6] . وأيضا لو كان كلامه قديما لزم صدور القبيح منه تعالى ، لأنه إن لم يفد بكلامه في الأزل شيئا كان سفيها ، وهو قبيح عليه تعالى ، وإن أفاد ، فإما لنفسه ، أو لغيره ، والأول باطل ، لأن المخاطب إنما يفيد نفسه لو كان يطرب في كلامه ، أو يكرره ليحفظه ، أو يتعبد به كما يعبد الله بقراءة القرآن . وهذه في حقه تعالى محال لتنزهه عنها . والثاني باطل ، لأن إفادة الغير إنما تصح لو خاطب غيره ليفهمه مراده ، أو يأمره بفعل ، أو ينهاه عن فعل . ولما لم يكن في الأزل من يفيده بكلامه شيئا من هذه . . . كان كلامه سفها وعبثا . وأيضا يلزمه الكذب في إخباره تعالى ، لأنه لو قال في الأزل : " إنا أرسلنا نوحا " [7] ، " إنا أوحينا إلى إبراهيم " [8] ، و " لقد أهلكنا القرون " [9] و " ضربنا لكم الأمثال " [10] ، مع أن هذه إخبارات عن الماضي ، والإخبار عن وقوع ما لم يقع في الماضي كذب تعالى الله عنه . وأيضا قال الله تعالى : " إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له : كن فيكون " [11] فهو إخبار عن المستقبل ، فيكون حادثا .