فإنا قد بينا تعين هذا التأويل في المقام حذرا من ترتب المحذورات الباطلة واللوازم الفاسدة على إجراء ( أفعل ) على ظاهره من التفضيل . وأما الأحاديث المفتراة فقد زيفناها ، والإجماع المزعوم أبطلناه ، ولم نبق لهم مسكة على دعواهم . ومما قررنا تعرف أن ( أل ) هنا تعريفية دخلت على مفرد ، وقد اختلفوا في أن المفرد المحلى بها هل يفيد العموم أم لا ؟ كما اختلف المثبتون في أن ذلك بالوضع أم بالإطلاق بمقتضى مقدمات الحكمة . والحق : إفادته العموم ، وهو اختيار الغزالي والآمدي وحكاه عن الشافعي والأكثر ، ونقله الفخر الرازي عن الفقهاء والمبرد والجبائي ، ونقله العضد في شرح المختصر عن المحققين من دون إشعار بخلاف فيه بينهم . وقال نجم الأئمة المحقق الرضي رضي الله عنه في شرح الكافية [117] : كل اسم دخله اللام لا يكون فيه علامة كونه بعضا من كل ، فينظر ذلك الاسم ، فإن لم تكن معه قرينة حالية ولا مقالية دالة على أنه بعض مجهول من كل فهي اللام التي جئ بها للتعريف اللفظي والاسم المحلى بها لاستغراق الجنس . انتهى . وقال السعد التفتازاني في المطول [118] : اللفظ إذا دل على الحقيقة باعتبار وجودها في الخارج ، فإما أن يكون لجميع الأفراد أو لبعضها ، إذ لا واسطة بينهما في الخارج ، فإذا لم يكن للبعضية - لعدم دليلها - وجب أن يكون للجميع ، وإلى هذا ينظر صاحب الكشاف حيث يطلق لام الجنس على ما يفيد الاستغراق كما ذكره في قوله تعالى : ( إن الإنسان لفي
[117] شرح الكافية 2 / 129 . [118] المطول : 81 - ط إسطنبول سنة 1330 ه .