الفارسي رضي الله عنه تعالى ، قال : ( كنت رجلا فارسيا من أهل إصفهان ، من قرية يقال لها : جي - بفتح الجيم وتشديد الياء - ، أي وفي لفظ : من قرية من قرى الأهواز يقال لها : رامهرمز ، وفي لفظ : ولدت برامهرمز ومنها نشأت وإن أبي لمن إصبهان [1] ، وكان أبي دهقان قرية [2] ، أي كبير أهل قرية ( 2 ) ، وفي لفظ : كنت من أبناء أساورة فارس وكنت أحب خلق الله ( تعالى ) إلى أبي ، لم يزل حبه إياي حتى حبسني في بيت كما تحبس الجارية ، واجتهدت في المجوسية حت كنت قطن النار - بفتح القاف وكسر الطاء المهملة ، ويروى بفتحها - بمعنى قاطن : ( أي ) خادمها الذي يوقدها لا يتركها تخبأ : أي تطفي ساعة ، وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل في بنيان له يوما فقال لي : يا بني ! إني قد شغلت في بنيان هذا اليوم ، فأذهب إليها ، وأمرني فيها ببعض ما يريد ثم قال لي : ولا تحتبس عني إن احتبست عني كنا أهم ( إلي ) من ضيعتي وشغلتني عن كل شئ من أمري ، فخرجت أريد ضيعت ( - ه ) التي بعثني إليها ، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى ، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته ، فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ماذا يصنعون ؟ فلما رأيتهم أعجبتني صلواتهم ورغبت في أمرهم وقلت : والله هذا خير من الذي نحن عليه ، فوالله ما برحتهم ( : أي فارقتهم ) حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي فلم آتها ، ثم قلت لهم : أين أهل هذا الدين ؟ قالوا : بالشام ، فرجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله ( كله ) ، فلما جئته قال : أي بني ! أين كنت ، ألم أكن عهدت إليك ما عهدت ؟ قلت : يا أبت ، مررت بالناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم ، فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس ، قال : أي بني ليس في هذا الدين ( 3 ) خير ، دينك ودين آبائك خير منه ، فقلت له : كلا والله إنه لخير من ديننا ، قال : فخافني ، أي
[1] في المصدر : بها نشأت وأما أبي فمن إصبهان . [2] في المصدر في الموضعين : قريته . ( 3 ) في المصدر : ليس في ذلك الدين .