عليكم اثنان ، ولأكلتموها رغدا ) [1] . وقال في آخر كلامه في أحوال سلمان : ( وكان سلمان من شيعة علي عليه السلام وخاصته ، وتزعم الإمامية أنه أحد الأربعة الذين حلقوا رؤوسهم وأتوه متقلدي سيوفهم ، في خبر يطول وليس هيهنا موضع ذكره ، وأصحابنا لا يخالفونهم في أن سلمان كان من الشيعة ، وإنما يخالفونهم في أمر أزيد من ذلك ، وما يذكره المحدثون من قوله للمسلمين يوم السقيفة : كرديد وكرديد ، محمول عند أصحابنا على أن المراد : صنعتم شيئا وما صنعتم ، أي استخلفتم خليفة ونعم ما فعلتم ، إلا أنكم عدلتم عن أهل البيت ، فلو كان الخليفة منهم كان أولى ، والإمامية تقول : معناه : أسلمتم وما أسلمتم ، واللفظة المذكورة في الفارسية لا تعطي هذا المعنى ، وإنما تدل على الفعل والعمل لا غير ، ويدل على صحة قول أصحابنا إن سلمان عمل لعمر على المدائن ، فلو كان ما تنسب ( - ه ) الإمامية إليه حقا لم يعمل ( له ) [2] . أقول : فلينظر العاقل اللبيب إلى كلام هذا الفاضل الأديب ، كيف أعماه حبه لنصرة مذهبه حتى تفوه بما لا يليق صدوره عن الجاهل الغبي فضلا عن العالم الوعي ، ولنذكر كلام السيد في الشافي فإن فيه شفاء لما في الصدور . قال رحمه الله في كلام له في البيعة : ( فإن قيل : المروي عن سلمان أنه قال : كرديد ونكرديد ، ليس بمقطوع به ؟ قلنا : إن كان خبر السقيفة وشرح ما جرى فيها من الأقوال والأفعال مقطوعا به فقول سلمان مقطوع به ، لأن كل من روى السقيفة رواه ، وليس هذا مما تختص الشيعة بنقله فيتهمونهم فيه ، وليس لهم أن يقولوا : كيف يخاطبهم بالفارسية وهم عرب وإن كان فيهم من فهم الفارسية لا يكون إلا آحادا لا يجب قبول قولهم ، وذلك أن سلمان وإن تكلم بالفارسية فقد فسره بقوله : ( أصبتم وأخطأتم ، أصبتم سنة
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 : 49 . [2] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 18 : 39 .