وكل قائم وملتو ، وعندي علم البلايا والمنايا والوصايا والأنساب وفصل الخطاب ومولد الإسلام ومولد الكفر وصاحب الكرات ودولة الدول ، فاسئلني عما يكون إلى يوم القيامة وعما كان على عهد عيسى عليه السلام منذ بعثه الله تبارك وتعالى ، وعن كل وصي وكل فئة تضل مأة وتهدي مأة وعن سائقها وقائدها وناعقها إلى يوم القيامة ، وكل آية نزلت في كتاب الله في ليل ( نزلت ) [1] أو نهار وعن التورية والإنجيل والفرقان العظيم ، فإنه صلى الله عليه وآله لم يكتمني شيئا من علمه ولا شيئا تحتاج إليه الأمم من أهل التورية والإنجيل وأصناف الملحدين وأحوال المخالفين وأديان المختلفين ، إذ كان خاتم النبيين بعدهم ، وعليهم فرضت طاعته والإيمان به والنصرة له ، تجدون ذلك مكتوبا في التورية والإنجيل والزبور وفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ، ولم يكن ليضيع عهد الله عز وجل في خلقه ويترك الأمة تائهين بعده ، وكيف يكون ذلك وقد وصفه الله بالرأفة والرحمة والعفو والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة القسطاس المستقيم ، وإن الله عز وجل أوحى إليه كما أوحى إلى نوح والنبيين من بعده ، وكما أوحى إلى موسى وعيسى ، فصدق الله وبلغ رسالته وأنا على ذلك من الشاهدين ، وقد قال الله تعالى : ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) [2] ، وقال : ( كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) [3] ، وقد صدقه الله تعالى ، وأعطاه الوسيلة إليه وإلى الله عز وجل فقال : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) [4] ، فنحن الصادقون ، وأنا أخوه في الدنيا والآخرة والشاهد منه عليهم بعده ، وأنا وسيلته بينه وبين الله ، وأنا وولدي ورثته وأنا وهم كسفينة نوح في قومه ، من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق ، وأنا وهم كباب حطة في بني إسرائيل ، وأنا بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده ، وأنا الشاهد
[1] زيادة من الإرشاد . [2] النساء : 41 . [3] الرعد : 43 . [4] التوبة : 119 .