أهل الله وخاصة أوليائه وخلص أصفيائه ، ولذا قال بعض الكمل : ( اللهم لا تجعلني من المتعبدين بالجنة ) ، وأراد بها الجنة الصورية ، فجنة الأولياء القرب المعنوي ، ونارهم البعد ، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( لو أدخلتني نارك لم أقل : إنها نار ، وأقول : إنها جنتي ، لأن جنتي رضاك فأينما أنزلتني أعرف أن رضاك فيه ) . وهجره أعظم من ناره ووصله أطيب من جنته وفي بعض الأخبار : ( إن لله جنة ليس فيها حور ولا قصور ولا لبن ولا عسل ، وثمار الجنة المناسبة لهم الفواكه من العلوم والأسرار ، دون المألوف من فواكه الدنيا ) ، وفي الصادقي في قوله تعالى : ( وظل ممدود ، وماء مسكوب ، وفاكهة كثيرة ، لا مقطوعة ولا ممنوعة ) : ( ( قال : يا نصر ! إنه ) ليس حيث تذهب الناس ، إنما هو العالم وما يخرج منه ) [1] ، والعبادة لطلب هذا القرب عبادة الأحرار ، نعم ما قيل : از بهشت ودوزخش دل كنده ايم ميتوان گفتن خدا را بنده ايم قال الشيخ ميثم البحراني في شرح قوله عليه السلام في صفة الجنة : ( درجات متفاضلات ، ومنازل متفاوتات ) ، ما لفظه : ( هذا الوصف صادق في الجنة المحسوسة الموعودة في القرآن الحكيم وفي الجنة المعقولة ، واتفقت العقلاء على أن الذي سماها هي المعارف العقلية والنظر في وجه الله تعالى ذي الجلال والإكرام ، والسعداء في الوصول إلى هذه الثمرة النضيجة الملكوتية على مراتب متفاوتة ودرجات متفاضلة - انتهى ) [2] . وبما ذكرنا يجمع بين قوله عليه السلام : ( ما عبدتك خوفا من نارك
[1] تفسير الصافي 4 : 632 عن البصائر : 525 ، والآيات في الواقعة : 30 - 33 . [2] شرح ابن هيثم 2 : 278 ، وبين العبارتين اختلاف كثير .