فلا محالة تكون المطابقة في أغلب من الموارد بضرب من التأويل لا يعرف إلا من قبلهم وبيانهم عليهم السلام ، وقد أشاروا إلى بعضها ، كمثال موسى وهارون ، والعجل والسامري ، ويوشع وصفورا [1] ، وأمثال ذلك في هذه الأمة ، وعن علي عليه السلام في حديث طويل : ( لكنكم تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى ، ولعمري ليضاعفن إليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل - الخبر ) [2] . وجرى في القائم عجل الله تعالى فرجه به وبمحمد وآله صلوات الله عليهم ، أكثر سنن المرسلين وسيرهم ، كطول العمر من آدم ونوح ، والإبطاء من نوح [3] ، وخفاء الولادة والاعتزال من إبراهيم ، والخوف والغيبة وكيفية الولادة وخفائها من موسى ، واختلاف الناس في الموت والحياة من عيسى ، والفرج بعد البلوى من أيوب ، والغيبة من صالح ، إلى غير ذلك مما لا يخفى على من راجع أخبار الغيبة [4] . قوله : ولو وليتموها عليا لأكلتم - اه . إشارة إلى قوله تعالى : ( ولو أنهم أقاموا التورية والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون ) [5]
[1] أما موسى وهارون فيؤول برسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وحديث المنزلة مشهور ، أما العجل والسامري فيؤول بابن الخطاب وابن قحافة وروي أن الأول سامري هذه الأمة ، وأما يوشع وصفورا - كما مر - يؤول بأمير المؤمنين عليه السلام وعايشة - لعنها الله - . [2] الإرشاد : 154 ، أقول : ما بين المتن وما في المصدر اختلافات ، فراجع . [3] الابطاء من نوح كناية عن تأخير الله عز وجل عقوبة قومه لأجل تأكيد الدعوة وإلزام الحجة ، حتى قالوا الطوائف التي آمنت به : لو كان ما يدعيه نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف ثم ترتد منهم كل من كانت طينته خبيثة ، وعن الصادق عليه السلام : ( وكذلك القائم عليه السلام تمتد أيام غيبته ليصرح الحق عن محضه ، ويصفو الإيمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم عليه السلام ) عصمنا الله تعالى من الزيغ بعد الإيمان . [4] راجع بحار الأنوار 51 : 35 - 215 ، إكمال الدين 1 : 8 - 25 . [5] المائدة : 66 .