< فهرس الموضوعات > كلام حول ان سلمان ثاني من صنف < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > كلام حول تحريف كتاب الله ( الهامش ) < / فهرس الموضوعات > لا تقول شعرا فيه غريب ؟ فقال : أقول ما يفهمه الصغير والكبير ولا يحتاج إلى التفسير ، ثم أنشأ ( يقول ) : أيا رب إني لم أرد بالذي به مدحت عليا غير وجهك فارحم [1] وقال أبو عبد الله رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني في معالم العلماء : ( قال الغزالي [2] : أول كتاب صنف في الإسلام كتاب ابن جريج في الآثار وحروف التفاسير عن مجاهد وعطا بمكة ، ثم كتاب محمد بن راشد الصنعاني باليمن ، ثم كتاب الموطأ بالمدينة لمالك بن أنس ، ثم جامع سفيان الثوري ، بل الصحيح أن أول من صنف فيه أمير المؤمنين عليه السلام جمع كتاب الله تعالى ، ثم سلمان الفارسي رحمه الله ، ثم أبو ذر الغفاري رحمه الله ، ثم الأصبغ بن نباتة ، ثم عبيد الله بن أبي رافع ، ثم الصحيفة الكاملة عن إمام زين العابدين عليه السلام - انتهى ) [3] . والظاهر أن المراد بها صنفه أمير المؤمنين عليه السلام هو الكتاب المصون المحفوظ عند أهل بيت العصمة ، المذخور لقيام الحق الجديد ، والعالم الذي علمه لا يبيد ، لا الموجود في أيدي الناس ، فإنه مع كونه من جمع ابن عفان [4] - كما يظهر من الأخبار - ومما فيه من التشويش والاضطراب في كيفية الجمع
[1] معالم العلماء : 147 ، راجع الأغاني 7 : 236 . [2] أبو حامد محمد بن أحمد الطوسي الغزالي ، الملقب بحجة الإسلام ، ولد بطوس سنة خمسين وأربعمأة ، قرأ طرفا من الفقه ببلده ثم قدم نيشابور ولازم إمام الحرمين وقرأ الحكمة والفلسفة ثم أقام على التدريس مدة إلى أن ترك كل ذلك وقصد بيت الله الحرام بحج وتوجه إلى الشام وجاور بيت المقدس ثم عاد إليها واعتكف في زاويته بالجامع الأموي المعروفة اليوم بالغزالية وتوفي بطوس سنة خمس وخمسمأة ، من مصنفاته : البسيط والوسيط وإحياء علوم الدين ، أسماء الحسنى . [3] معالم العلماء : 2 [4] حيث تعرض المصنف قدس سره لهذا الكلام يجدر بنا أن نتكلم في هذا المقام في موضوع كيفية جمع كلام الملك العلام : إن موضوع جمع القرآن من الموضوعات التي يتذرع بها القائلون بالتحريف إلى إثبات إن في القرآن تحريفا وتغييرا وإن كيفية جمعه مستلزمة في العادة لوقوع هذا التحريف والتغيير فيه ، إن مصدر هذه الشبهة هو زعمهم بأن جمع القرآن كان بأمر من أبي بكر بعد قتل كثيرين من القراء ، فخيف ضياع القرآن فتصدى بعض لجمعه ، والعادة قاضية بفوات شئ منه على المتصدي لذلك إذا كان غير معصوم ولا أقل من احتمال وقوع التحريف . إن هذه الشبهة مبنية على صحة الروايات الواردة في كيفية جمع القرآن ، إن هذه الأخبار مع أنها أخبار آحاد لا تفيد علما ، مخدوشة من جهات شتى نشير إلى بعضها : أولا : إنها متناقضة في أنفسها نشير إلى جملة منها في ضمن أسئلة : متى جمع القرآن في المصحف ؟ إن ظاهر بعضها إنه كان في زمن عثمان وصريح بعض الآخر إنه كان في زمن عمر وظاهر آخرها إنه كان في زمان أبي بكر ، من أي مصدر جمع عثمان المصحف ومن عينه لكتابتها ؟ من الذي طلب من أبي بكر جمع القرآن ومن تصدى لجمعه في زمان أبي بكر ؟ ثانيا : إن هذه الروايات معارضة بما دل على أن القرآن كان قد جمع وكتب على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله . ثالثا : تعارض أحاديث الجمع مع الكتاب ، فإن كثيرا من آيات الكتاب الكريمة دالة على أن سور القرآن كانت متميزة في الخارج بعضها من بعض وأن السور كانت منتشرة بين الناس ، حتى المشركين وأهل الكتاب ، فإن النبي صلى الله عليه وآله قد تحدث الكفار والمشركين على الإتيان بمثل القرآن وبعشر سور مثله مفتريات وبسورة من مثله ، ومعنى هذا : إن سور القرآن كانت في متناول أيديهم ، وقد أطلق لفظ الكتاب على القرآن في كثير من آياته الكريمة وفي قول النبي صلى الله عليه وآله : ( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ) ، لأنه من الواضح أنه لا يصح إطلاق الكتاب عليه وهو في الصدور ، بل ولا على ما كتب في الأكتاف إلا على نحو المجاز والمجاز لا يحمل اللفظ عليه من غير قرينة . رابعا : مخالفة أحاديث الجمع مع حكم العقل ، لأن عظمة القرآن في نفسه واهتمام النبي صلى الله عليه وآله بحفظه وقراءته واهتمام المسلمين بما يهتم به النبي صلى الله عليه وآله وما يستوجبه ذلك من الثواب ، كل ذلك ينافي جمع القرآن على النحو المذكور في تلك الروايات ، وأيضا حفظ بعض سور القرآن أو بعض السورة فقد كان منتشرا جدا ، وشذان يخلو من ذلك رجل أو امرأة من المسلمين ، حتى إن المسلمة قد تجعل مهرها تعليم سورة من القرآن أو أكثر ، ومع هذا الاهتمام كله كيف يمكن أن يقال : إن جمع القرآن قد تأخر إلى زمان خلافة أبي بكر وإن أبا بكر احتاج في جمع القرآن إلى شاهدين إنهما سمعا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله . خامسا : مخالفة أحاديث الجمع للإجماع ، لأن المسلمين أطبقوا أن لا طريق لإثبات القرآن إلا التواتر ، فإنها تقول : إن إثبات آيات القرآن حين الجمع كان منحصرا بشهادة شاهدين أو بشهادة رجل واحد إذا كانت تعدل شهادتين ولست أدري كيف يجتمع القول بصحة هذه الروايات التي تدل على ثبوت القرآن بالبينة ، مع القول بأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر . صفوة القول : إن أسناد جمع القرآن إلى الخلفاء أمر موهوم مخالف للكتاب والسنة والإجماع والعقل ، نعم لا شك أن عثمان قد جمع القرآن في زمانه ، لا بمعنى إنه جمع الآيات والسور في مصحف ، بل بمعنى إنه جمع المسلمين على قراءة إمام واحد وأحرق المصاحف الأخرى التي تخالف ذلك المصحف . إن أردت التوسيع فراجع ( البيان في تفسير القرآن ) للعلامة الخوئي فإن فيها ما يروي الغليل ويشفي العليل .