الخبرين فلا تغفل . وروى الشيخ المؤتمن أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي [1] رحمه الله في كتاب الإحتجاج مرسلا عن الأصبغ بن نباته [2] قال : ( خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ! سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين جوانحي علما جما ، فقام إليه ابن الكوا [3] فقال : يا أمير المؤمنين ! ما الذاريات ذروا ؟ فأجابه ، وسئل أشياء ثم قال : يا أمير المؤمنين ! أخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال عليه السلام : عن أي أصحاب رسول الله تسألني ؟ قال : يا أمير المؤمنين ! أخبرني عن أبي ذر الغفاري ، قال عليه السلام : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء [4] على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، قال : يا أمير المؤمنين ! فأخبرني عن سلمان ( الفارسي ) ؟ قال عليه السلام : بخ بخ سلمان منا أهل البيت ومن لكم بمثل لقمان الحكيم علم علم الأول وعلم الآخر . ) [5]
[1] أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ، عالم فاضل محدث ثقة من أجلاء أصحابنا المتقدمين ، وكان موضع اعتماد الشهيد في شرح الإرشاد فكثيرا ما نقل فتاواه وأقواله ، له مصنفات كالكافي في الفقه ومفاخرة الطالبية ، لم تحدد لنا المصادر سنة ولادته ووفاته إلا أن المحقق آغا بزرك الطهراني استنتج سنة وفاته من معاصريه وتلامذته وعدة ممن أدركوا أوائل القرن السادس الهجري وقيل : توفي في حدود سنة 620 . [2] أصبغ بن نباته المجاشعي الحنظلي ، كان من خاصة أمير المؤمنين ومن ذخائره وبايعه على الموت وكان من ثقاته ، روى أنه دعا يوما ابن أبي رافع كاتبه فقال : أدخل عشره من ثقاتي وسماه في أولهم ، كان رحمه الله من فرسان أهل العراق وكان يوم صفين على شرطة الخميس وكان شيخا ناسكا عابدا ، روى عن أمير المؤمنين عهده للأشتر ووصيته لمحمد بن الحنفية وعمر بعد علي عليه السلام ومات مشكورا . [3] اسمه عبد الله وهو خارجي ملعون قرأ خلف أمير المؤمنين عليه السلام جهرا : ( ولد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) وكان عليه السلام يؤم الناس وهو يجهر ، فسكت حتى سكت ابن الكوا ثم عاد في قراءته فعاد حتى فعل ذلك ثلاثا فلما كان في الثالثة قرأ عليه السلام : ( فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ) . [4] قال في النهاية : في الحديث : ( ما أظلت الخضراء - الخ ) الخضراء : السماء ، والغبراء : الأرض للونهما ، أراد إنه متناه في الصدق إلى الغاية ، فجاء به على اتساع الكلام والمجاز . [5] الإحتجاج 1 : 260 .