نام کتاب : نظرة عابرة إلى الصحاح الستة نویسنده : عبد الصمد شاكر جلد : 1 صفحه : 29
اكتفاء الواحد منهم - كأبي حنيفة - بما بلغه ووثق به من الحديث وإن قل ، وعدم تعنيه في جمع غيره إليه ليفهم دينه ويبين أحكامه ، قوي عندك ذلك الترجيح . بل تجد الفقهاء . . . لم يجتمعوا على تحرير الصحيح والاتفاق على العمل به ، فهذه كتب الفقه في المذاهب المتبعة ولا سيما كتب الحنفية فالمالكية فالشافعية ، فيها مئات من المسائل المخالفة للأحاديث المتفق على صحتها . . . وقد أورد ابن القيم في أعلام الموقعين شواهد كثيرة جدا من رد الفقهاء للأحاديث الصحيحة عملا بالقياس أو لغير ذلك ، ومن أغربها أخذهم ببعض الحديث الواحد دون باقيه ، وقد أورد لهذا أكثر من ستين شاهدا . انتهى كلام هذا المفسر الفقيه العارف بالأحاديث أعني السيد رشيد رضا . أقول : ما ذكره هو الواقع خارجا سواء كان حقا أو باطلا ، فإن الخلفاء لا سيما عمر رضي الله عنه وأرباب المذاهب لم يكونوا يقيدون أنفسهم بالأحاديث ، بل يقدمون اجتهادهم بالقياس وغيره عليها من دون استيحاش وحرج ، فلم يكن قيمتها عندهم كقيمة الآيات القرآنية ، فالسنة القولية عند أهل السنة - وإن عدت أحد ركني الشريعة ادعاء ولكنها ليست كذلك - عملا بأي دليل كان ، وإن كان ما أعتذر به السيد رضا - على ما عرفته آنفا - من أحسن الاعتذار ، ومنه يظهر أمران آخران ، وهما : 1 - إن ما ذكره جمع من الغافلين من اعتبار روايات الصحاح الستة ، وعدم جواز التشكيك في اعتبارها وصدورها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واتفاق الكل على اعتبارها - خصوصا على اعتبار أحاديث البخاري ومسلم - مخالف للواقع ، بل هو طبل فارغ لا وزن له سوى صوته ! فإن الصحابة لم يروها معتبرة وفقهاء المذاهب - خصوصا الإمام أبو حنيفة - لم يقبلوها كما
29
نام کتاب : نظرة عابرة إلى الصحاح الستة نویسنده : عبد الصمد شاكر جلد : 1 صفحه : 29