نام کتاب : نظرات في التصوف والكرامات نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 101
ذنبا فارقه عقل لا يعود اليه ابدا . ولا غرابة في هذا التشبيه ، تشبيه القلب بالآلة اللاقطة ، فإذا كانت هذه الآلة الصماء قد أتت بالعجب العجيب فبالأحرى ان يصدر عن القلب ما هو أعجب واغرب : وتحسب انك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الأكبر وقد رأينا نوعا من الحيوانات كالخلد ، ليس له عينان ولا اذنان ، رأيناه يحس بما يرى بالعين ، ويسمع بالاذن ، وقد أثبتت التجارب ان الكثير من الكفيفين يقومون باعمال المبصرين دون أن يقع أي حادث ، وان بعضهم يحس بوجود الجدار والشجرة على بعد عشرة أمتار أو أكثر . هذا هو الكشف الذي اراده الغزالي ، انه علم القلب الصادق ، وحدسه الصائب ، ويقظة الذات الأمينة ، وشهادتها العالة ، وبهذا ، بحكاية القلب للواقع حكاية المرآة للوجه كانت الذات هي الواقع ، وكان الواقع هو الذات ، لا فرق بين اكتشافها ما وراء الطبيعة بنور الاخلاص والايمان ، وبين معرفتها بأشياء الطبيعة بالتجربة والعيان ، كلاهما عين اليقين . وليس لرجل العلم أن يتنكر لهذا الكشف ، ويرفضه بقول مطلق ما دام العلم نفسه لا يقر شيئا من الاحكام النهائية المطلقة . ولا نجد عذرا لمن استبعد هذا الكشف ، وانكره على الغزالي الا انه قاس الغير على نفسه ، واتخذ من واقعه ميزانا للناس ولو تم وجه الشبه بيننا وبين الغزالي لكان للقياس وجه ،
101
نام کتاب : نظرات في التصوف والكرامات نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 101