وثانيها الزهد في حطام الدنيا ، فإن أزهد الناس في الدنيا أرغبهم في الآخرة ، وثالثها التفقه في الدين لأن الناس يعرفون به مصالح دنياهم ومراشد دينهم ، ورابعها المشي بالسيف فمن وجدت فيه هذه الصفات الأربع وجب عليهم تفضيله [1] . وقالت الزيدية أن خلافة أبي بكر كانت وفقا لمقتضيات المصلحة العامة وإشفاقا من الفتنة [2] . ويؤكد الشهرستاني هذا المعنى بقول الزيدية : كان علي أفضل الصحابة إلا أن الخلافة فوضت إلى أبي بكر لمصلحه رأوها وقاعدة دينية راعوها من تسكين ثائرة الفتنة ، وتطييب قلوب العامة ، فإن عهد الحروب التي جرت في أيام النبوة كان قريبا ، وسيف أمير المؤمنين علي عن دماء المشركين من قريش لم يجف بعد ، والضغائن في صدور القوم من طلب الثأر كما هي [3] . وترى الزيدية في تقديم أبي بكر على علي إنما كان امتحانا له والتغليظ في المحنة وشدة البلوى في الكلفة كما قال الله تعالى للملائكة : ( اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى ) والملائك أفضل من آدم فقد كلفهم الله أغلظ المحن وأشد البلوى [4] . وقد وقفت الزيدية من السلطة الحاكمة موقفا يختلف عن الموقف الذي وقفته الشيعة الإمامية ، فالإمام عند الزيدية يجب أن يكون شجاعا مقداما شاهرا سيفه [5] . لذلك تبطل الزيدية إمامة كل من ادعى الإمامة وهو قاعد في بيته مرخ عليه ستره ، لا يجوز اتباعه ولا يجوز القول بإمامته [6] . فاستعمال السيف في رأي الزيدية أمر واجب ، إذا ما أمكن به إزالة
[1] الجاحظ : ثلاث رسائل ص 241 . [2] ن . م ص 246 . [3] الشهرستاني : الملل والنحل ج 1 ص 250 . [4] الجاحظ : ثلاث رسائل ص 246 . [5] المقدسي : البدء والتاريخ ج 5 ص 133 ، الحميري : الحور العين ص 156 . [6] النوبختي : فرق الشيعة ص 74 - 75 .