إلى عصر المفيد ، وهو دور الحضارة والحركة الفكرية فقد ظهر فيه مذهب التشيع ، وتميز عن غيره أصولا وفروعا ، وأصبح للشيعة فقههم المستقل وآراؤهم الواضحة في كل ما يتصل بالعقيدة من قريب أو بعيد . ويبدأ الدور الثالث بالشيخ المفيد المتوفى سنة ( 413 ه ) ، وينتهي هذا الدور بالعلامة الحلي المتوفى ( 726 ه ) الذي وضع أجوبة الشبهات ونقضها بشتى أنواعها في وضعها النهائي ، ولم يدع فيها زيادة لمن جاء بعده ، فهو دور الدفاع ورد العاديات . [1] إن التشيع لعلي ( ع ) بمعناه الروحي زرعت بذرته في عهد النبي ( ص ) ونمت قبل توليه الخلافة والأدلة على ذلك كثيرة أهمها : أولا - ورود الأحاديث التي سبقت الإشارة إليها . ثانيا - وصية النبي لعلي بالإمامة والخلافة منها ما رواه الطبري أن النبي ( ص ) في مجلس ضم جماعة من بني هاشم بمكة ، قال مشيرا لعلي : ( إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا . . . ) . [1] ويضيف الطبري إلى أن النبي ( ص ) قال الحديث المذكور قبل هجرته إلى المدينة ، ويعني ذلك أن النبي ( ص ) أشار بالدرجة الأولى إلى المدلول الديني لإمامة علي للمسلمين لأن الدولة الإسلامية حينذاك لم تقم بعد .
[1] الشيعة في الميزان : ص 96 - 111 . [1] الكامل : ج 2 ص 93 .