نام کتاب : موسوعة العقائد الإسلامية نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 78
ب - الهوى النفسي وهذا المانع في نظر القرآن ثاني أخطر مزالق الفكر ، ولا يَقِلّ خطراً عن سابقه إن لم يكن أكبر منه خطراً . فعندما يحبّ الإنسان شيئًا ويتعلَّق به تعمَى بصيرة عقله وتُصَمُّ مسامع فكره ، وبالتالي لا يقدر أن يتبيّنَ أو يدركَ مواضع الضعف في محبوبه المعشوق ، وهكذا الحال بالنسبة لخصيصة اَلمقْتِ ، وعليه ، لو أراد أن يميّز مواطن الضعف والقوّة في نظرية مّا ويفكّر فيها تفكّراً صائبًا فعليه أن يتحرّر من الميول والرغبات النفسية أولاً لأنّ هذه الميول والرغبات تؤثّر في اعتقاده ، شاء أم لم يشأ . وعلى سبيل المثال لا الحصر ، أنّه اشتهر عن العلاّمة الحِلِّي ( 1 ) عندما أراد أن يُفتي فيما إذا كان ماء البئر قد أصبح نجسًا هل يمكن تطهيره أو لا ؟ أمر بردم بئر منزله أولاً ، ثمّ بدأ بمطالعة النصوص الفقهية في هذا الصدد ، ثُمَّ أفتى بعد ذلك بأنه لو أصبح ماء البئر نجسًا أمكن تطهيره طبقًا لما جاء في الكتب الفقهية . فالعلاّمة الحلّي كان يعلم أنّه لو لم تردم بئر منزله لأثّر وجودها في رأيه وفتواه بصورة لا إرادية ، وهذه حقيقة لا تُنكر ، فالإنسان لا يمكنه أن يدرك الحقائق العقلية حقَّ الإدراك أو يبدي رأيا صائبًا فيها إلاَّ إذا ردمت بئر ميوله ورغباته النفسية وتحرّر ذهنه من قيد هواها ( 2 ) ، وعليه ، فكلّما تحرّر ذهن المحقّق أو الباحث من الميول والرغبات النفسية اقترب من الصواب ، كما قال الإمام علي ( عليه السلام ) : أقرَبُ الآراءِ مِنَ النُّهى أبعَدُها مِنَ الهَوى ( 3 )
1 . هو أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهَّر الحلّي ( المتوفّي عام 726 ه ) . 2 . راجع : ج 2 ص 165 " اتبّاع الهوى " . 3 . غرر الحكم : 3022 ، عيون الحكم والمواعظ : 119 / 2682 .
78
نام کتاب : موسوعة العقائد الإسلامية نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 78