نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 492
وعدم اعتنائهم بنبيهم وبسماع خطبته وصلاة الجمعة معه ، وهما واجبان وهو يشاهدهم ويعلم بهم لأجل تفرج على عير وسماع الطبل ولهو ، فهل يبعد منهم أن يخالفوا أمره طلبا للملك والرئاسة بعد وفاته ، فليعتبر العاقل فإن في ذلك معتبرا ، وأيم الله إن بعض المشايخ والوعاظ لو كان مقبلا على أصحابه يعظهم ويخوفهم فسمعوا بلهو أو طبل لاستحوا وهابوا أن يخرجوا لأجل أمر مباح ، وإن لم يكن في خروجهم ترك واجب ، فما ظنك بمثل سيد المرسلين وسماع خطبته وصلاة الجمعة معه والخروج وهو يشاهدهم أو في الصلاة لأجل تفرج على عير وسماع لهو ؟ وعند التحقيق هذا أقبح من فرارهم من الزحف لأن الفرار وإن كان كبيرة ، لكن فيه بقاء نفس وأما هذا ففيه من قلة الحياء الجرأة على الله وعلى رسوله ما لا يمكن حده ويكفي من ذلك ترجيح التفرج على العير وسماع الطبل واللهو على سماع خطبة النبي وصلاة الجمعة معه الواجبين فاعتبروا يا أولي الأبصار . فهل يستبعد ممن هذا شأنه في حياة نبيه وهو يشاهده ميله بعد ذلك إلى الملك والرئاسة وارتكاب إثم لذلك ، فهذا وأمثاله وهي كثيرة ، عذر الشيعة في سبهم بعض الصحابة الذي ثبت عندهم أنهم فعلوا مثل ذلك وهو عندهم عذر واضح ، ولهم مع ذلك كتب مدونة مطولة مشهورة تحتوي على أدلة كثيرة من الكتاب والسنة تجوز لهم سب من يسبونه ، وقد نقل جميع ذلك أهل السنة ولكن يغمضون العين عنه أو يتأولونه بما لا يفيد ، ويقولون إنه ما ذكرناه وأمثاله فإن كان كافيا في جواز سبهم فلا لوم ، وإلا فغاية الأمر أن يكونوا مجتهدين مخطئين مثل بعض الصحابة والتابعين . وهذا معاوية وبنو أمية لعنوا عليا [1] ثمانين سنة [2] ولم يفعل شيئا من ذلك ،
[1] راجع : العقد الفريد للأندلسي : ج 4 ص 113 - 114 و ج 5 ص 114 - 115 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج 4 ص 56 و ج 11 ص 44 و ج 13 ص 220 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي : ص 82 - 85 ط الفارابي و ص 28 ط الغري ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) من تاريخ دمشق لابن عساكر : ج 1 ص 225 ح 271 و 272 ، الإصابة لابن حجر : ج 4 ص 465 ، نهج الحق وكشف الصدق : ص 310 - 311 ، إحقاق الحق للتستري : ج 3 ص 407 - 409 . [2] ومع كل هذه المحاولات اليائسة والتي بذلوا في سبيلها النفس والنفيس وسخروا كل طاقاتهم في محاربة أخي رسول الله ووصيه ، ومحو ذكره ، وشتمه على المنابر نحو ثمانين عاما فإنها أبت بالفشل الذريع ، وذهبت أدراج الرياح ، وتلاشت كتلاشي الهشيم في الهواء ، وبقي ذكر علي خالدا في شرق الدنيا وغربها كالشمس التي تشرق على الأنام في كل يوم ، لأنه ما كان لله لم تهدمه الدنيا ولو اجتمع الخافقان على إزالته ما استطاعوا إليه سبيلا ، وعدا حقا في كتابه قال تعالى : * ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) * وإليك بعض الكلمات التاريخية التي أشارت إلى هذا المعنى : 1 - روي عن محمد بن أبي الموج بن الحسين الرازي ، قال : سمعت الرضا ( عليه السلام ) يقول : الحمد لله الذي حفظ منا ما ضيع الناس ، ورفع منا ما وضعوه حتى لقد لعنا على منابر الكفر ثمانين عاما ، وكتمت فضائلنا وبذلت الأموال في الكذب علينا ، والله تعالى يأبى لنا إلا أن يعلى ذكرنا ويبين فضلنا والله ما هذا بنا ، وإنما هو برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقرابتنا منه حتى صار أمرنا وما يروي عنه أنه سيكون بعدنا من أعظم آياته ودلالات نبوته . ( عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) للصدوق : ج 1 ص 175 ح 26 ) . 2 - روي عن عامر بن عبد الله بن الزبير أنه سمع ابنا له ينتقص عليا ( عليه السلام ) فقال : إياك والعودة إلى ذلك ، فإن بني مروان شتموه ستين سنة ، فلم يزده الله بذلك إلا رفعة ، وإن الدين لم يبن شيئا فهدمته الدنيا ، وإن الدنيا لم تبن شيئا إلا عاودت على ما بنته فهدمته . ( الإستيعاب : ج 3 ص 1118 ) . 3 - أخرج السلفي في الطيوريات عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سألت أبي عن علي ومعاوية ؟ فقال : اعلم أن عليا ( عليه السلام ) كان كثير الأعداء ففتش له أعداؤه شيئا فلم يجدوه ، فجاؤوا إلى رجل قد حاربه وقاتله فأطروه كيدا منهم له ( الصواعق المحرقة لابن حجر : ص 127 ) .
492
نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 492