نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 478
عز وجل ، والتهذيب والإنباء له عن المصالح ، وإذا كان بهذه الصفات لم يصح أن يدعو داع إلى اقتباس الرأي من رعيته ، لأنه ليس أحد منهم إلا وهو دونه في سائر ما عددناه ، وإنما يستشير الحكيم غيره على طريق الاستفادة والاستعانة برأيه إذا تيقن أنه أحسن رأيا منه وأجود تدبيرا وأكمل عقلا أو ظن ذلك ، فأما إذا أحاط علما بأنه دونه فيما وصفناه لم يكن للاستعانة في تدبيره برأيه معنى ، لأن الكامل لا يفتقر إلى الناقص فيما يحتاج فيه إلى الكمال ، كما لا يفتقر العالم إلى الجاهل فيما يحتاج فيه إلى العلم ، والآية بينة يدل متضمنها على ذلك ، ألا ترى إلى قوله تعالى : * ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ) * [1] فعلق وقوع الفعل بعزمه دون رأيهم ومشورتهم ، ولو كان إنما أمره بمشورتهم للاستقفاء برأيهم لقال له : فإذا شاروا عليك فاعمل ، وإذا اجتمع رأيهم على شئ فأمضه ، فكان تعلق فعله بالمشورة دون العزم الذي يختص به ، فلما جاء الذكر بما تلوناه سقط ما توهمته ، فأما وجه دعائهم إلى المشورة عليه ( صلى الله عليه وآله ) فإن الله أمره أن يتألفهم بمشورتهم ، ويعلمهم بما يصنعونه عند عزماتهم ، ليتأدبوا بآداب الله عز وجل ، فاستشارهم لذلك لا للحاجة إلى آرائهم ، على أن ها هنا وجها آخر بينا وهو : إن الله سبحانه أعلمه أن في أمته من يبتغي له الغوائل ويتربص به الدوائر ، ويسر خلافه ويبطن مقته ويسعى في هدم أمره ويناقضه في دينه ، ولم يعرفه بأعيانهم ولا دله عليهم بأسمائهم ، فقال عز اسمه : * ( ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ) * [2] وقال جل اسمه : * ( وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل
[1] سورة آل عمران : الآية 159 . [2] سورة التوبة : الآية 101 .
478
نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 478