نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 444
فلم يقدم أحد منهم على قتله ولا رام ذلك ولا استقام لهم نفيه عن بلادهم ولا حبسه ولا منعه من دعوته ، ونحن نعلم علما يقينا لا يتخالجنا فيه الشك بأنه لو ظن أحد من ملوك هذه الأزمان ببعض آل أبي طالب أنه يحدث نفسه بادعاء الإمامة بعد مدة طويلة ، لسفك دمه دون أن يعلم ذلك ويتحققه فضلا عن أن يراه ويجده . وقد علم أهل العلم كافة أن أكثر من حبس في السجون من ولد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقتل بالغيلة إنما فعل به ذلك على الظنة والتهمة دون اليقين والحقيقة ، ولو لم يكن أحد منهم حل به ذلك إلا موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) لكان كافيا ، ومن تأمل هذه الأمور وعرفها وفكر فيما ذكرناه وتبينه انكشف له الفرق بين النبي وبين الإمام فيما سأل عنه هؤلاء القوم ولم يتخالجه فيه ارتياب والله الموفق للصواب . وبهذا النحو يجب أن يجاب من سأل فقال : أليس الرسول ( صلى الله عليه وآله ) قد ظهر في أول أمره وعرفت العامة والخاصة وجوده ثم استتر بعد ذلك عند الخوف على نفسه ، فقد كان يجب أن يكون تدبير الإمام في ظهوره واستتاره كذلك ، مع أن الاتفاقات ليس عليها قياس ، والألطاف والمصالح تختلف في أنفسها ولا تدرك حقائقها إلا بسمع يرد عن عالم الخفيات ، جلت عظمته فلا يجب أن نسلك في معرفتها طريق الاعتبار . وليس يستتر هذا الباب إلا على من قل علمه بالنظر وبعد عنه الصواب والله نستهدي إلى سبيل الرشاد [1] .