نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 363
ارتفع فجأة صوت ضحكات الطلاب ، فقال الأستاذ الذي وجد نفسه في وضع محرج للغاية بلهجة عنيفة : لا تناقش عبثا ! ! فأنت لا زلت أصغر من أن تعطي رأيك في القضايا الفقهية ! ! وأجلسني بكلامه هذا ! إلا أن الطلاب لم يقنعوا أبدا . وعلى كل حال انقضت السنة الأولى من الثانوية ودخلت في السنة الثانية ، كان سني قد ازداد ومطالعتي قد كثرت في هذا المجال خلال العطلة الصيفية ، فأصبحت أكثر استعدادا للمواجهة . ومن حسن الصدف أن مدرس مادة الدين كان شابا إلى حد ما وحسن الأخلاق ، كنا في أول درس من مادة الدين حين دخل الأستاذ وكان شابا يدعى " عمر الشريف " . وبدأ الحديث عن موضوع الهداية في الإسلام ، وضمن حديثه تفسير الآية الشريفة : * ( إنك لا تهدي من أحببت ) * [1] ، قال : إن هذه الآية نزلت في أبي طالب عم الرسول ( صلى الله عليه وآله ) حيث حضر عند رأسه وهو في اللحظات الأخيرة من حياته وكلما طلب منه التلفظ بالشهادتين ، أبى حتى مات كافرا ! ! فتأثر النبي ( صلى الله عليه وآله ) لأن عمه الذي يحبه يموت كافرا ، لكن الله تعالى أوحى إليه هذه الآية . الهداية هبة إلهية يمنحها الله لمن يشاء ويسلبها ممن يشاء ، فلا تحاول هداية عمك ! اضطرم الغضب في نفسي وما عادت لي طاقة على الصبر ، فنهضت بغضب وبدون استئذان وصحت : أستاذ ! لا بد وأنكم تعتبرون أبا طالب ، هذا الرجل المؤمن ، كافرا وتأولون بشأنه هذه الآية لأنه والد علي ( عليه السلام ) ، ليس من الإنصاف اتهام شخص قضى عمره في خدمة الإسلام وقدم كل هذا العون للنبي ( صلى الله عليه وآله )