نام کتاب : مفاهيم القرآن ( العدل والإمامة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 40
فإن الفقرة الأولى من الآية تعكس عقيدة المشركين وأنه لولا أمره ومشيئته لما كنا مشركين ، لكن الفقرة الثانية ترد عليها ببيان أن الشرك ظلم وقبيح ، والله لا يأمر بهما ، وبالتالي لا تتعلق مشيئته بهما . والعجب أن تلك العقيدة السخيفة لم تجتث بل بقيت عالقة في أذهان عدة من الصحابة حتى بعد بزوغ نجم الإسلام . روى السيوطي عن عبد الله بن عمر : إنه جاء رجل إلى أبي بكر ، فقال : أرأيت الزنا بقدر ؟ قال : نعم . قال : فإن الله قدره علي ثم يعذبني ؟ ! قال : نعم يا بن اللخناء ، أما والله لو كان عندي إنسان أمرته أن يجأ أنفك . [1] وليس الخليفة الأول وحده ممن كان يحتج بالقدر السالب للاختيار ، بل كان غيره على هذه الفكرة . روى الواقدي عن أم الحارث الأنصارية ، وهي تحدث عن فرار المسلمين يوم حنين ، قالت : مر بي عمر بن الخطاب منهزما ، فقلت : ما هذا ؟ فقال عمر : أمر الله . [2] نرى أن عمر يلجأ إلى أمر الله وقضائه ، وأن الهزيمة كانت أمرا قطعيا لأنه سبحانه شاءها وأرادها ، دون أن ينظر إلى سائر الأسباب التي حدت بهم إلى تلك الهزيمة . لقد اتخذ الأمويون مسألة القدر أداة تبريرية لأعمالهم السيئة وكانوا ينسبون وضعهم بما فيه من شتى ضروب العيث والفساد إلى القدر ، قال أبو هلال العسكري : إن معاوية أول من زعم أن الله يريد أفعال العباد كلها . [3]