نام کتاب : مطارحات في الفكر والعقيدة نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 96
وعلى هذه المغالطات والأباطيل أسس المتقدمون عقائدهم فجاءت بعدهم أجيال مستضعفة مسكينة مخلصة لكنها لم تعرف من الدين إلا هذه الصورة المقلوبة ، فأخذت تتعصب لأوهام تظن أنها الحقائق ، وأن كل ما خالفها فهو الباطل ! ! ومن علمائهم المعاصرين من إذا وقف على هذه المغالطات ازداد عصبية وعنجهية وأزبد وأرعد ، أيكذب بهذا ويتنكر لذاك ، عبودية للهوى ليس إلا . . لكن منهم من وقف مواقف الأحرار ونجا من طوق الهوى والعصبية إلى قدر جيد ، فانتقدوا بشدة تلك الآراء المتهافتة في اتباع الغالب وإعذار السلف ، ووضع جنايات المفسدين منهم تحت عنوان الاجتهاد والتأويل ، وسخروا من ذلك كله . ومن أجل تبرير ما صنعه بعض الصحابة أعني المتنازعين على الخلافة ، قالوا : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مات وترك الأمة هكذا هملا بغير إمام ، وترك الأمر إلى الأمة . وهذا أعظم شئ افتروه على الله والرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، لكن العجيب أنه لما يأتي ذكر أبي بكر وعمر وغيرهم ينزهونهم عن هذه الخلة ، ويقولون : إنهم لا يمكن أن يتركوا هذه الأمة بلا إمام فتقع الفتنة [1] ! ! فإذا كان الخليفة منزها عن أن يترك الأمة هملا بلا إمام ، أفليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى بهذا التنزيه ؟ ! هل أدرك الخلفاء أمرا غاب عنه صلى الله عليه وآله وسلم ؟ أم كان هو صلى الله عليه وآله وسلم أقل منهم حرصا على هذا الدين وعلى الأمة ؟ !