نام کتاب : مختصر أخبار شعراء الشيعة نویسنده : المرزباني الخراساني جلد : 1 صفحه : 6
والحضارة الفكرية . وفي الوقت نفسه يحرصون على أن يسجلوا ويدونوا ما جمعوه في أمانة ودقة وصحة . لقد نهضت بغداد برسالة العلم والأدب ، ووثبت بهما وثبة كبرى وأصبحت في الجملة شمسا للبلاد الإسلامية شرقيها وغربيها تستضئ بهديها وتسير على قبس منها ، وأحبار العلم فيها يحرصون على هذا التراث يجمعون شتاته ، ويفحصون لبناته ويضمون النظير إلى النظير ، ويستخرجون القاعدة تلو القاعدة ، لا هم لهم ولا غاية متوخاة من وراء ذلك إلا خدمة هذا التراث والحفاظ عليه . وفي الحين هذا دهمها التتار عام ( 656 ) وأزالوا خلافتها ونكلوا بأبنائها وعبثوا بمؤلفاتها ودمروا تراثها الفكري الذي عمل من أجله زهاء خمسة قرون وضاعت بذلك ثمار كثيرة فكرية ووقفت بها رحى العلوم والآداب إلا لماما لماما . وأية نكبة في التاريخ أبادت معالم الإنسانية والحضارة الفكرية . مثل وقيعة التتار ، وقطعت سلسلة العلوم والآداب الإسلامية ، وأحرقت الحرث والنسل وحاربت رجال التأليف والتصنيف وطاردتهم بطرق مختلفة ، وشنت على الخزائن ودور الكتب حملات وغارات لا إنسانية وجرت على أهلها ما لم يكن في الحسبان من ألم ونصب ومشقة وعناء وفقر مدقع ، وجدب وقحط ومسغبة . إنها وأيم الحق أعظم كارثة حلت بمدينة على مر التاريخ كله . . . وأي مدينة كانت بغداد ، التي ظلت قرنين من الزمان وهي أعظم عاصمة علمية وأدبية في الحياة ، تبسط لواءها على أقطار الإسلام وتتدفق إليها الثروات الفكرية والمادية ويحدثنا المؤرخ ابن الأثير عن الزحف المخيف هذا وقد مر مشهده أمامه فيقول في عبارات تقطر دما : " لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها كارها لذكرها ، فأنا أقدم إليه رجلا وأؤخر أخرى فمن الذي يسهل عليه أن يكتب
6
نام کتاب : مختصر أخبار شعراء الشيعة نویسنده : المرزباني الخراساني جلد : 1 صفحه : 6