صدق الله العلي العظيم . وهنا المنافق أشد من المشرك ، وهل ينسى أو يغفل أي فرد منهم أخص أبا بكر وعمر ، أية فضيلة لآل البيت ( عليهم السلام ) ، ولا أية وصية لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لهم ، وهم الذين سألوا قبل الغدير رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عمن يخلف عليهم من بعده ؟ فقال : خاصف النعل ، وأعلمهم أنهم مخالفون . وقد علمنا في الأجزاء الماضية أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لم تخف عليه خافية ، وكان يدلي عليهم الحجة إثر الحجة ، ويقدم لهم الأدلة القاطعة على عدم لياقتهم للخلافة والقيادة . فتلك حروبهم وفرارهم ، وأصدق ما فيها خيبر والأحزاب وأحد وحنين ، وبالتالي وضعهم جميعا تحت قيادة شاب دون العشرين ، وكلهم جنود لا حول لهم ولا قوة ، ولم يسمح لأبي بكر بتلاوة حتى سورة البراءة على أهل مكة ، ولا سمح له في مرض موته أن يصلي بالناس ، وإذ علم أن ابنته أوعزت له بأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مريض ليصلي بالناس وأراد ذلك ، ومذ علم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قام وهو مريض وصلى بهم وخطبهم ثم لعن من تخلف عن جيش أسامة ، وكان من شمله اللعن كل من تخلف عن الجيش ، ومنهم أبو بكر وعمر وبقايا أفراد حزبه . ولهذا نرى أبا بكر يظهر ندمه لتخلفه عن جيش أسامة وذلك في مرض موته ، وقد نافق أيضا إذ خلف بعده نصا من تابعه باللعن والمخالفة ، ومهاجرته علنا بعد ذلك بمخالفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومنع أن يقدم لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) القلم والقرطاس ، بل وقال : إن النبي ليهجر . تلك الجملة التي أسخطت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وطردهم من محضره بعد أن قامت الخصومة بين الموافقين والمخالفين . وربما قال قائل : ولماذا لم يحرر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد خروجهم الكتاب ؟