الله ( صلى الله عليه وآله ) ومسرورا بصحبته ، قرير العين به ، بيد أن نراه بدلا من هذا يشتد حزنه وخوفه حتى يطغى عليه ، وعندها تنزل الآية والسكينة على رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ويطمئنه ، ويقول له : لا تحزن إن الله معنا ، وينزل سكينته على رسوله ( صلى الله عليه وآله ) . إن هذه الآية التي عدها البكريون مفخرة لأبي بكر في الواقع كانت فضيحة له على ذلك الحزن ، وهو إن كان مؤمنا بالله حقا لم يحزن حتى لو مات بحد السيف بيد المشركين ، ويعرف حق المعرفة أنه مات شهيدا ، والذين يقتلون في سبيل الله أحياء عند ربهم يرزقون ، وفي جنات النعيم يحبرون . فأي حزن هذا الذي تعلق به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ويستوجب نزول الآية ؟ وهل بكلمة الصاحب هي المفخرة ؟ وهذه الكلمة لطالما وردت في النصوص القرآنية تشير إلى كفرة ومشركين ولا تدل على المؤمن . منها في سورة يوسف ، الآية ( 41 ) ، حينما خاطب رفيقيه في السجن وهما مشركان بقوله : * ( يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلبه وتأكل الطير من رأسه ) * . وفي آية أخرى قوله تعالى : * ( قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا * لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ) * . الآيتان ( 37 ) و ( 38 ) من سورة الكهف . 2 - نرى أبا بكر ظل هو وجماعة من القرشيين ، منهم عمر وأبو عبيدة الجراح يعاقرون الخمرة ، وأخص أبا بكر ، كان يشربها ويخاطر ، والمخاطرة قمار ، وإن أهل الجاهلية كانوا يخاطرون على المال والزوجة وكان عندهم ذلك مباحا ( 1 ) .
( 1 ) عن الإمام أبي بكر الجصاص الرازي الحنفي المتوفى سنة ( 310 ) في أحكام القرآن ج 1 ص 388 . الأخلاق بين أهل العلم في تحريم القمار ، وأن المخاطرة من القمار . قال ابن عباس : إن المخاطرة قمار ، وإن أهل الجاهلية كانوا يخاطرون على المال والزوجة وكان مباحا ، إلى أن ورد تحريمه ، وقد خاطر أبو بكر الصديق المشركين حين نزلت : * ( ألم * غلبت الروم ) * . كما ذكر ذلك عن أبي بكر الإسكافي في الرد على رسالة العثمانية للجاحظ ص 34 ، وشرح ابن أبي الحديد للنهج ج 3 ص 234 من الاجتماع عند أبي بكر للندوة والشرب . وأيد بذلك وأخرجه الفاكهي في كتاب مكة بإسناده عن أبي القموص قال : شرب أبو بكر الخمرة في الجاهلية وأنشد الأبيات . وفي زمن إسلامه ظل يعاقرها حتى بعد نزول الأولى والثانية الدالة على كراهيتها والامتناع عنها ، بل وحتى عند نزول آخر آية حرمت فيه ، وفيها رثى قتلى مشركي قريش ، فبلغ ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فجاء مغضبا وأخذ بتلابيبه وهم بضربه حتى قال : أعوذ بالله من غضب رسول الله ، وكان مجلسهم يجمع عشرة بينهم عمر وأبو عبيدة ، وغيرهم وساقيهم أنس بن مالك . ذكر ذلك الترمذي في نوادر الأصول ص 66 ، وأضاف مما تنكره القلوب ، وذكره ابن حجر في الإصابة ج 4 ص 22 ، والطبري ج 2 ص 203 ، تجد تفصيله في موسوعتنا هذه ج 3 في سابقة أبي بكر بإسناده .