رأي عثمان على استمرار المقاومة حتى الموت وهكذا كان . واتخذ القتل ذريعة ، وأعلن قتل الخليفة مظلوما وهيأ الشهود المزيفين لمن وجد فيه النفوذ في العامة وزيف الشهود وأوهم العامة في ولاية الشام وأثارهم ، وجمع جيشه ومدهم بالمال ، وأرسل من أرسل إلى أطراف الولايات للثورة على المتظلمين والإطاحة بخيرة المنتخبين البريئين . وإذا بأقطاب المهاجرين القاتلين لعثمان والمحرضين عليه ، طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة ينضم إليهم آل أمية للأخذ بثأر عثمان وينكثون عهد البيعة للخليفة ، واتهامه بضم قاتلي عثمان وتحريضه على القتل [1] . وقال البلاذري في أنسابه أنه لما أرسل عثمان إلى معاوية يستمده بقوله : إن أهل المدينة كفروا وأنهم يريدون عزله وقتله وهو يستنجد به أن يمده على جناح السرعة بجيش يقضي به على وثبتهم . بعث معاوية يزيد بن أسد القسري ، وقال له : إذا أتيت ذا خشب فأقم بها ولا تتجاوزها ، ولا تقل : الشاهد يرى ما لا يرى الغائب . فإنني أنا الشاهد وأنت الغائب . قال : فأقام بذي خشب حتى قتل عثمان ، فاستقدمه حينئذ معاوية فعاد إلى الشام بالجيش الذي كان أرسل معه . وإنما منع ذلك معاوية ليقتل عثمان فيدعو إلى نفسه . فأدرك معاوية أمرين : إصرار عثمان على عدم الاعتزال ، وإصرار الواثبين على تسريع قتله [2] .
[1] راجع شرح ابن أبي الحديد لنهج البلاغة 4 : 757 . [2] راجع أنساب البلاذري ، وكتاب صفين لابن مزاحم : 210 ، وشرح ابن أبي الحديد للنهج 1 : 342 وكامل ابن الأثير 3 : 123 وتاريخ الطبري 5 : 243 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4 : 58 .