بالتوبة ، ويا بئس ما جنت أياديهم وافتضحت نواياهم وخسروا الدنيا والآخرة . وإذا بعائشة التي مدحت عثمان بالأمس تقول اليوم : اقتلوا نعثلا قتله الله ، وتقصد بنعثل عثمان ، حتى إذا قتلوه وهي ترجوها لطلحة أو الزبير ، وإذا بها وقد خاب أملها واشتد حسدها ، وزاد حزنها إذ تولاها من بغضته ، كأشد فرد بغضته هو وآله ، وهو علي ( عليه السلام ) وأهل بيته ، وقد ولي الأمر ، فقالت : ليت السماء انطبقت على الأرض ، ولم تجد بدا إلا الطلب بدم عثمان ، والقيام بمكيدة أخرى يشد أزرها طلحة والزبير . وقد قال الله تعالى في سورة النساء ، الآية ( 112 ) : * ( ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ) * . لقد أجمع المهاجرون والأنصار على عزل عثمان والتخلص منه وإن أبى مقاتلته ، وبينهم طلحة والزبير ، ولم يطعن أحد من المحققين أبدا على أعمال طلحة والزبير ضد عثمان لأن عثمان غير وبدل وحادد الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) في سيرته . بيد أنه يؤخذ على طلحة والزبير أمرين : أولهما : ابتزاز أموال المسلمين في حياة عثمان ومن عثمان . وثانيهما : مبايعتهما عليا ( عليه السلام ) الذي أطبقت على بيعته الأمة ، وغدرهما به ونصرتهما لآل المقتول ، يعني بني أمية ، أولئك الذين أغروهم بقتل الخليفة ، وانقلابهم على المسلمين وخليفة المسلمين الذي بايعاه بالأمس . وأدناه نبذا من أعمال طلحة ضد عثمان : قال حكيم بن جابر : قال علي لطلحة : عثمان محصور ! أنشدك الله إلا رددت الناس عنه فأجاب : لا والله حتى تعطي بنو أمية الحق من نفسها ( 1 ) . فكان علي ( عليه السلام ) يقول : لحا الله ابن الصعبة أعطاه عثمان ما أعطاه وفعل به ما فعل .
( 1 ) أخرجه الطبري في تاريخه 5 : 139 ، وابن أبي الحديد في شرح النهج 1 : 168 .