ومنع نشر المعارف الإسلامية وتدوينها والحديث فيها ، ومنع أية فكرة أو مطالعة أي كتاب آخر . بل تجاوز البلاء هذا القطر العربي بطمر المعارف إلى هدم واستئصال المعارف العالمية بالأمر الشديد من الخليفة بإتلاف كتب جميع العلوم والمكتبات أينما حلت الجيوش ، استؤصلت بأمر خليفة المسلمين كتبها ، بين حرق وغرق وإتلاف وألجمت أفواه العلماء والحكماء والعارفين من النطق والبيان ، باسم الإسلام والدين الإسلامي ونبي الإسلام ، وآل بيت محمد ( صلى الله عليه وآله ) بريئون براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب ، إذ هذا القرآن الكريم نراه يشيد بالعلم وبالحكمة والمنطق وبذم الجهل حيث قال تعالى في سورة الزمر ، الآيتان ( 17 و 18 ) : * ( فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ) * . وقوله تعالى في سورة البقرة ، الآية ( 269 ) : * ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) * . وقوله عز وجل في سورة الزمر ، الآية ( 9 ) : * ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) * . وكم وكم قال : أفلا تعقلون ، وتتدبرون ، وأمثالهما . وهذا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في أحرج الأزمنة التي فيها المسلمون في ضيق مالي واقتصادي شديد ولديه أسارى ، عوض أن يفتديهم بالمال يفرض على المتعلمين منهم بتعليم أفراد أميين من المسلمين القراءة والكتابة . وهو الذي جعل العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ، وهو الذي قال : نوم العالم خير من عبادة الجاهل ، وهو الذي قال : مداد العلماء خير من دم الشهداء ، وهو الذي قال : تعلم العلم من المهد إلى اللحد . وقال : تعلم العلم ولو بالصين . وما لا يعد ويحصى من أمثال ذلك في الكتاب والسنة .