هي قريش سوى هو نفسه ! وقد وجدناه يعلن أن معاوية كسرى العرب ، أما عملا لم يزحزحه عن مقامه طول مدة خلافته ، رغم الشكاوى من الصحابة عليه ، لخروجه على الكتاب والسنة . وعمر هو الذي هدد أعضاء الشورى بمعاوية وعمرو بن العاص ، لأنه يعرف هؤلاء حق المعرفة ، ويعرف كيف يسند ملكهم ، ويعرف أن عليا ( عليه السلام ) محبوب المؤمنين والعامة ، ولا يستطيع القيام ما دام هذان ضده . وقد أضاف أنه خلق لعلي ( عليه السلام ) أضدادا في شوراه ، هم الخمسة الباقين الذين ما كان يخلد ببالهم أنهم يوما من الأيام يستطيع أحد أن يقرنهم بأبي الحسن ( عليه السلام ) . حتى وجدنا هؤلاء هم أس الخلاف ، وفي مقدمة الناكثين لبيعته ومحاربته . وقد كان بعد غصب الخلافة التي كانت من حق علي ( عليه السلام ) نصا من الكتاب ونصا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في شتى المناسبات ، وأعظمها يوم غدير خم ، وأن أكثر من ثلاثمئة آية نزلت في علي ( عليه السلام ) وحده ، وربع القرآن في آل البيت ، والوصايا الجمة التي لا تعد من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بهم ، وما أخذ عليهم من الشهود ، وكل هذه ثابتة بالسنة والحديث . فالغاصبون لكي يطمروا الحقائق لا بد لهم من القضاء على السنة مهما زعزعت من أركان الدين ، كي تخفى الحقائق ولا يظهرون باسم الغاصبين المخالفين لأوامر الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، لصم أفواه علي ( عليه السلام ) وآل البيت والهاشميين ، وقد اتخذوا عدة وسائل منها : إقصاؤهم ومحبيهم من الصحابة عن أي منصب من الولايات . وسلب حقوقهم الشرعية في فدك ، إذ بدأ بغصبها الخليفة الأول ، وتلاها بمنع الخمس عنهم ، بينما كانت الصدقات وأي نوع من الزكاة محرمة عليهم ، وبناء على هذا تركهم في فقر مدقع لا يستطيعون حراكا ، هذا بالإضافة إلى الرقابة الشديدة عليهم منذ بدء خلافة الأول وازدادت زمن عمر وأشدها في عهد عثمان .