وقد كان مالك قد جمع أموال الزكاة كعادته في عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى إذا سمع بوفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقيام من لم يكن اسمه في العير ولا في النفير ، وسمع من الكثيرين عن الحق المهضوم والمقام المغتصب ، ولا زال الكثيرون يأملون إعادة الحق لأهله . آنذاك يتوقف مالك ويفكر ماذا يعمل وهو أمين على هذه الأموال ، أيعيدها إلى أصحابها ريثما تنجلي الغبرة ؟ أم يقدمها لمن يعلم أنه الخليفة والوصي حقا ؟ أم يقدمها إلى هذا الغاصب . فلم يبرح حتى رأى الحل الوسط ، وهو إعادة ما جمع من الأموال إلى أصحابها والتريث حتى يتحقق من الأمر . وقد ثبت إسلامه وعدم ردته . في هذه الآونة يرسل أبو بكر خالد بن الوليد ، وخالد هذا سبق وإن أرسل في عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا مقاتلا ولا غاصبا ، بيد أنه عمل بما لم يرضه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من قتل وسلب وظلم حتى استعاذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من عمله واستغفر الله من منكراته ، وعزله وأرسل عليا ، فأعاد لهم ما سلب وأدى ديات عن المقتولين واسترضاهم ورجع ولم يرسل بعدها خالدا أبدا . ولا يخفى على أبي بكر ذلك وهو يرسل خالدا ، ولم يوصه ، ومع خالد ابن عمر وآخرون ، رأوا استسلام مالك بن نويرة وصلاته واحتفاءه ببعثة أبي بكر وتسليمه لأمرهم ، وبعدها مكيدة خالد بجمع أسلحتهم وشد وثاق مالك وأصحابه ، وبعدها قصد قتلهم دون ذنب ، ولم يرتدع من نهي ابن عمر وغيره ، فلم يتركهم ولم تنفعه توسلات مالك وجماعته وجزع النساء والأطفال ، وإذا به يقتل المسلمين ، وفي مقدمتهم مالك بن نويرة ويدخل من ليلته بزوجة مالك المسلمة الثكلى ، ويسبي نساءهم وأطفالهم ، ويسلب أموالهم ويعود رافع الرأس لهذه الجناية العظمى . وإذا بعمر بن الخطاب يتلقاه بعد أن ثبت له شناعة عمله وهو يريد حده ، هنا