نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 71
زبدة المقال خلاصة القول في المقام ، إن أي خضوع ينبع من الاعتقاد بأن المخضوع له إله العالم أو ربه أو فوض إليه تدبير العالم كله أو بعضه ، يكون الخضوع بأدنى مراتبه عبادة ويكون صاحبه مشركا في العبادة إذا أتى به لغير الله ، ويقابل ذلك الخضوع غير النابع من هذا الاعتقاد ، فخضوع أحد أمام موجود وتكريمه - مبالغا في ذلك - من دون أن ينبع من الاعتقاد بألوهيته ، لا يكون شركا ولا عبادة لهذا الموجود ، وإن كان من الممكن أن يكون حراما ، مثل سجود العاشق للمعشوقة ، أو المرأة لزوجها ، فإنه وإن كان حراما في الشريعة الإسلامية لكنه ليس عبادة بل حرام لوجه آخر ، ولعل الوجه في حرمته هو أن السجود حيث إنه وسيلة عامة للعبادة عند جميع الأقوام والملل ، صار بحيث لا يراد منه إلا العبادة ، لذلك لم يسمح الإسلام بأن يستفاد منها حتى في الموارد التي لا تكون عبادة ، والتحريم إنما هو من خصائص الشريعة الإسلامية ، إذ لم يكن حراما قبله ، وإلا لما سجد يعقوب وأبناؤه ليوسف ( عليه السلام ) إذ يقول عز وجل : ( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا ) . ( 1 ) ومن هذا القبيل سجود الملائكة لآدم ( عليه السلام ) . قال الجصاص : قد كان السجود جائزا في شريعة آدم ( عليه السلام ) للمخلوقين ، ويشبه أن يكون قد كان باقيا إلى زمان يوسف ( عليه السلام ) . . . إلا أن السجود لغير الله على وجه التكرمة والتحية منسوخ بما روت عائشة وجابر وأنس أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " ما ينبغي لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها " . ( 2 )
1 . يوسف : 100 . 2 . أحكام القرآن : 1 / 32 .
71
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 71