نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 449
لطيف استظهره من الآيات القرآنية وحاصله : " أن ظاهر آيات الميزان ( 1 ) هو أن الحسنات توجب ثقل الميزان والسيئات خفته فإنها تثبت الثقل في جانب الحسنات دائما والخفة في جانب السيئات دائما ، لا أن توزن الحسنات فيؤخذ ما لها من الثقل ثم السيئات ويؤخذ ما لها من الثقل ، ثم يقاس الثقلان فأيهما كان أكثر كان القضاء له ، ولازمه صحة فرض أن يتعادل الثقلان كما في الموازين الدائرة بيننا من ذي الكفتين والقبان وغيرهما . ومن هنا يتأيد في النظر أن هناك أمرا آخر تقاس به الأعمال ، والثقل له ، فما كان منها حسنة انطبق عليه ووزن به وهو ثقل الميزان ، وما كان منها سيئة لم ينطبق عليه ولم يوزن به وهو خفة الميزان ، كما نشاهده فيما عندنا من الموازين ، فإن فيها مقياسا وهو الواحد من الثقل كالمثقال يوضع في إحدى الكفتين ثم يوضع المتاع في الكفة الأخرى ، فإن عادل المثقال وزنا بوجه على ما يدل عليه الميزان أخذ به وإلا فهو الترك لا محالة والمثقال في الحقيقة هو الميزان الذي يوزن به ، وأما القبان ، وذو الكفتين ونظائرهما فهي مقدمة لما يبينه المثقال من حال المتاع الموزون به ثقلا وخفة . ففي الأعمال واحد مقياس توزن به ، فللصلاة مثلا ميزان توزن به وهي الصلاة التامة التي هي حق الصلاة ، وللزكاة والإنفاق نظير ذلك ، وللكلام والقول حق القول الذي لا يشتمل على باطل ، وهكذا كما يشير إليه قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ) . ( 2 ) فالله سبحانه يزن الأعمال يوم القيامة بالحق ، فما اشتمل عليه العمل من الحق فهو وزنه وثقله .