نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 31
والثاني : الحدوث الذاتي وهو مسبوقية وجود الشئ بالعدم في ذاته ، كجميع الموجودات الممكنة التي لها الوجود بعلة خارجة من ذاتها ، وليس لها في ماهيتها وحد ذاتها إلا العدم ، هذا حاصل ما ذكروه في تعريف الحدوث وتقسيمه إلى الزماني والذاتي والتفصيل يطلب من محله . ( 1 ) ثم إن مرجع الحدوث الذاتي إلى الإمكان الذاتي ، فالاستدلال بالحدوث الذاتي راجع إلى برهان الإمكان والوجوب ، فلنركز البرهان هنا على الحدوث الزماني فنقول : العلوم الطبيعية وحدوث الحياة في عالم المادة أثبت العلم بوضوح أن هناك انتقالا حراريا مستمرا من الأجسام الحارة إلى الأجسام الباردة ، ولا تتحقق في عالم الطبيعة عملية طبيعية معاكسة لذلك ، ومعنى ذلك أن الكون يتجه إلى درجة تتساوى فيها جميع الأجسام من حيث الحرارة وعند ذلك لن تتحقق عمليات كيميائية أو طبيعية ، ويستنتج من ذلك : إن الحياة في عالم المادة أمر حادث ولها بداية ، إذ لو كانت موجودا أزليا وبلا ابتداء لزم استهلاك طاقات المادة ، وانضباب ظاهرة الحياة المادية منذ زمن بعيد . وإلى ما ذكرنا أشار " فرانك آلن " أستاذ علم الفيزياء بقوله : " قانون " ترموديناميا " أثبت أن العالم لا يزال يتجه إلى نقطة تتساوى فيها درجة حرارة جميع الأجسام ، ولا توجد هناك طاقة مؤثرة لعملية الحياة ، فلو لم يكن للعالم بداية وكان موجودا من الأزل لزم أن يقضى للحياة أجلها منذ أمد بعيد ، فالشمس المشرقة والنجوم والأرض المليئة من
1 . لاحظ بداية الحكمة : المرحلة 9 ، الفصل 3 .
31
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 31