نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 26
إن امتناع الدور وجداني ولتوضيح الحال نأتي بمثال : إذا اتفق صديقان على إمضاء وثيقة واشترط كل واحد منهما لإمضائها ، إمضاء الآخر فتكون النتيجة توقف إمضاء كل على إمضاء الآخر ، وعند ذلك لن تكون تلك الورقة ممضاة إلى يوم القيامة ، وهذا مما يدركه الإنسان بالوجدان وراء دركه بالبرهان . الأمر الرابع : التسلسل محال ، وهو عبارة عن اجتماع سلسلة من العلل والمعاليل الممكنة ، مترتبة غير متناهية ، ويكون الكل متسما بوصف الإمكان ، بأن يتوقف ( أ ) على ( ب ) و ( ب ) على ( ج ) و ( ج ) على ( د ) وهكذا من دون أن تنتهي إلى علة ليست بممكنة ولا معلولة . والدليل على استحالته أن المعلولية وصف عام لكل جزء من أجزاء السلسلة ، فعندئذ يطرح هذا السؤال نفسه : إذا كانت السلسلة الهائلة معلولة ، فما هي العلة التي أخرجتها من كتم العدم إلى عالم الوجود ؟ والمفروض أنه ليس هناك شئ يكون علة ولا يكون معلولا ، وإلا يلزم انقطاع السلسلة وتوقفها عند نقطة خاصة ، وهي الموجود الذي قائم بنفسه وغير محتاج إلى غيره وهو الواجب الوجود بالذات . فإن قلت : إن كل معلول من السلسلة متقوم بالعلة التي تتقدمه ومتعلق بها ، فالجزء الأول من آخر السلسلة وجد بالجزء الثاني ، والثاني بالثالث ، وهكذا إلى أجزاء وحلقات غير متناهية ، وهذا المقدار من التعلق يكفي لرفع الفقر والحاجة . قلت : المفروض أن كل جزء من أجزاء السلسلة متسم بوصف الإمكان والمعلولية ، وعلى هذا فوصف العلية له ليس بالأصالة والاستقلال ، فليس لكل حلقة دور الإفاضة والإيجاد بالاستقلال ، فلا بد أن يكون هناك علة وراء هذه السلسلة ترفع فقرها وتكون سنادا لها .
26
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 26