نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 248
قطعا عن طاقة الإنسان مهما ترقى في درجات العلم ، وإليك بيان الشرطين الأساسيين لذلك : الأول : معرفة المقنن بالإنسان إن أول وأهم خطوة في وضع القانون ، معرفة المقنن بالمورد الذي يضع له القانون ، وعلى ضوء هذا ، لا بد أن يكون المقنن عارفا بالإنسان : جسمه وروحه ، غرائزه وفطرياته ، وما يصلح لهذه الأمور أو يضر بها ، وكلما تكاملت هذه المعرفة بالإنسان كان القانون ناجحا وناجعا في علاج مشاكله وإبلاغه إلى السعادة المتوخاة من خلقه . الثاني : عدم انتفاع المقنن بالقانون وهذا الشرط بديهي ، فإن المقنن إذا كان منتفعا من القانون الذي يضعه ، سواء كان النفع عائدا إليه أو إلى من يمت إليه بصلة خاصة ، فهذا القانون سيتم لصالح المقنن لا لصالح المجتمع ، ونتيجته الحتمية الظلم والإجحاف . فالقانون الكامل لا يتحقق إلا إذا كان واضعه مجردا عن حب الذات وهوى الانتفاع الشخصي . أما الشرط الأول : فإنا لن نجد في صفحة الوجود موجودا أعرف بالإنسان من خالقه ، فإن صانع المصنوع أعرف به من غيره ، يقول سبحانه : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) . ( 1 ) إن عظمة الإنسان في روحه ومعنوياته ، وغرائزه وفطرياته ، أشبه ببحر كبير لا يرى ساحله ولا يضاء محيطه ، وقد خفيت كثير من جوانب حياته
1 . الملك : 14 .
248
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 248