نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 239
ومن هنا تعرف أن القول بالبداء من صميم الدين ولوازم التوحيد والاعتقاد بعمومية قدرته سبحانه ، وإنه من مقاديره وسننه السائدة على حياة الإنسان من غير أن يسلب عنه الاختيار في تغيير مصيره ، فكما أنه سبحانه ، كل يوم هو في شأن ، ومشيئته حاكمة على التقدير ، وكذلك العبد مختار له أن يغير مصيره ومقدره بحسن فعله ، ويخرج نفسه من عداد الأشقياء ويدخلها في عداد السعداء ، كما أن له عكس ذلك . فالله سبحانه : ( لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) . ( 1 ) فهو تعالى إنما يغير قدر العبد بتغيير منه بحسن عمله أو سوئه ، ولا يعد تغيير التقدير الإلهي بحسن الفعل أو سوئه معارضا لتقديره الأول سبحانه ، بل هو أيضا جزء من قدره وسننه . التقدير المحتوم والموقوف قد أشرنا سابقا إلى أن التغيير إنما يقع في التقدير الموقوف دون المحتوم ، وهذا ما يحتاج إلى شئ من البيان فنقول : إن لله سبحانه تقديرين ، محتوما وموقوفا ، والمراد من المحتوم ما لا يبدل ولا يغير مطلقا ، وذلك كقضائه سبحانه للشمس والقمر مسيرين إلى أجل معين ، وللنظام الشمسي عمرا محددا ، وتقديره في حق كل إنسان بأنه يموت ، إلى غير ذلك من السنن الثابتة الحاكمة على الكون والإنسان . والمراد من التقدير الموقوف الأمور المقدرة على وجه التعليق ، فقدر
1 . الرعد : 11 .
239
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 239