نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 231
حقيقة البداء عند الإمامية وبذلك يظهر أن المراد من البداء الوارد في أحاديث الإمامية ويعد من العقائد الدينية عندهم ليس معناه اللغوي ، أفهل يصح أن ينسب إلى عاقل - فضلا عن باقر العلوم وصادق الأمة - القول بأن الله لم يعبد ولم يعظم إلا بالقول بظهور الحقائق له بعد خفائها عنه ، والعلم بعد الجهل ؟ ! كلا ، كل ذلك يؤيد أن المراد من البداء في كلمات هؤلاء العظام غير ما يفهمه المعترضون ، بل مرادهم من البداء ليس إلا أن الإنسان قادر على تغيير مصيره بالأعمال الصالحة والطالحة ( 1 ) وأن لله سبحانه تقديرا مشترطا موقوفا ، وتقديرا مطلقا ، والإنسان إنما يتمكن من التأثير في التقدير المشترط ، وهذا بعينه قدر إلهي ، والله سبحانه عالم في الأزل ، بكلا القسمين كما هو عالم بوقوع الشرط ، أعني : الأعمال الإنسانية المؤثرة في تغيير مصيره وعدم وقوعه . قال الشيخ المفيد ( المتوفى / 413 ه ) : قد يكون الشئ مكتوبا بشرط فيتغير الحال فيه ، قال الله تعالى : ( ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ) . ( 2 ) فتبين أن الآجال على ضربين ، وضرب منهما مشترط يصح فيه الزيادة والنقصان ، ألا ترى قوله تعالى : ( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ) . ( 3 )
1 . سيوافيك أن النبي الأكرم ص - حسب ما رواه البخاري - استعمل لفظ البداء في نفس ذاك المعنى الذي تتبناه الإمامية . 2 . الأنعام : 2 . 3 . فاطر : 11 .
231
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 231