نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 219
الإجمالي إلى أن هناك منعما يجب معرفته ومعرفة أسمائه وصفاته شكرا لنعمائه ، أو دفعا للضرر المحتمل . 5 . لا يوجد الشئ إلا بالوجوب السابق عليه قد ثبت في الفلسفة الأولى أن الموجود الممكن ما لم يجب وجوده من جانب علته لم يتعين وجوده ولم يوجد ، وذلك : لأن الممكن في ذاته لا يقتضي الوجود ولا العدم ، فلا مناص لخروجه من ذلك إلى مستوى الوجود من عامل خارجي يقتضي وجوده ، ثم ما يقتضي وجوده إما أن يقتضي وجوبه أيضا أو لا . فعلى الأول وجب وجوده ، وعلى الثاني ، بما أن بقاءه على العدم لا يكون ممتنعا بعد ، فيسأل : لماذا اتصف بالوجود دون العدم ؟ وهذا السؤال لا ينقطع إلا بصيرورة وجود الممكن واجبا وبقائه على العدم محالا ، وهذا معنى قولهم : " إن الشئ ما لم يجب لم يوجد " . هذا برهان القاعدة ، ورتب عليها القول بالجبر ، لأن فعل العبد ممكن فلا يصدر منه إلا بعد اتصافه بالوجوب ، والوجوب ينافي الاختيار . والجواب عنه : إن القاعدة لا تعطي أزيد من أن المعلول إنما يتحقق بالإيجاب المتقدم على وجوده ، ولكن هل الإيجاب المذكور جاء من جانب الفاعل والعلة أو من جانب غيره ؟ فإن كان الفاعل مختارا كان وجود الفعل ووجوبه المتقدم عليه صادرا عنه بالاختيار ، وإن كان الفاعل مضطرا كالفواعل الكونية كانا صادرين عنه بالاضطرار . والحاصل : أن الوجوب المذكور في القاعدة وإن كان وصفا متقدما على الفعل ، ولكنه متأخر عن الفاعل ، فالمستفاد منه ليس إلا كون الفعل موجبا ( بالفتح ) وأما الفاعل فهو قد يكون أيضا كذلك وقد يكون موجبا ( بالكسر ) ، فإن أثبتنا كون الإنسان مختارا فلا تنافيه القاعدة المذكورة قيد شعرة .
219
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 219