نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 207
بوحدة الحقيقة ، نعم يكون الأثر من حيث الشدة والضعف ، تابعا لمنشئه من هذه الحيثية ، فالوجود الواجب بما أنه أقوى وأشد ، يكون العلم والدرك والحياة والتأثير فيه مثله ، والوجود الإمكاني بما أن الوجود فيه أضعف يكون أثره مثله ، ولأجل ذلك ذهب الإلهيون إلى القول بسريان العلم والحياة والقدرة إلى جميع مراتب الوجود الإمكاني ، ويشهد الكتاب العزيز على صحة نظريتهم في مجال السريان العلمي والدركي إلى جميع مراتب الوجود . إذا وقفت على هذين الأصلين تقف على النظرية الوسطى في المقام وأنه لا يمكن تصوير فعل العبد مستقلا عن الواجب ، غنيا عنه ، غير قائم به ، قضاء للأصل الثاني ، وبذلك يتضح بطلان نظرية التفويض ، كما أنه لا يمكن إنكار دور العبد بل سائر العلل في آثارها قضاء للأصل الثالث ، وبذلك يتبين بطلان نظرية الجبر في الأفعال ونفي التأثير عن القدرة الحادثة . فالفعل مستند إلى الواجب من جهة ومستند إلى العبد من جهة أخرى ، فليس الفعل فعله سبحانه فقط بحيث يكون منقطعا عن العبد بتاتا ، ويكون دوره دور المحل والظرف لظهور الفعل ، كما أنه ليس فعل العبد فقط حتى يكون منقطعا عن الواجب ، وفي هذه النظرية جمال التوحيد الأفعالي منزها عن الجبر كما أن فيها محاسن العدل منزها عن مغبة الشرك والثنوية . إيضاح وتمثيل هذا إجمال النظرية حسب ما تسوق إليه البراهين الفلسفية ، ولإيضاحها نأتي بمثال وهو أنه لو فرضنا شخصا مرتعش اليد فاقد القدرة ، فإذا ربط رجل بيده المرتعشة سيفا قاطعا وهو يعلم أن السيف المشدود في يده سيقع على آخر ويهلكه ، فإذا وقع السيف وقتل ، ينسب القتل إلى من
207
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 207