ألق أحدا يقطع في هذا الحديث بشئ معين [1] . وعن ابن الجوزي : قد أطلت البحث عن معنى هذا الحديث وتطلبت مضانه وسألت عنه ، فلم أقع على المقصود [2] . أقول : المقصود معلوم ، المقصود يقع عليه من كان عنده إنصاف ولم يكن عنده تعصب . والملاحظ أنهم يحاولون قدر الإمكان تطبيق الحديث على زمن حكومة بني أمية ، مع أنهم يروون عن النبي أن الخلافة بعده ثلاثون سنة ، ثم يكون الملك ، وقل ما رأيت منهم من يشارك حكام بني العباس في معنى هذا الحديث ، نعم ، وجدته في كلام الفضل ابن روزبهان ، فلاحظوا من يرى ابن روزبهان أنهم الأئمة الاثنا عشر ، يقول : إن عدد صلحاء الخلفاء من قريش اثنا عشر [ وكأن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قيد هذا الحديث بالصلحاء ، والحال أنه لا يوجد في لفظ الحديث كلمة : الصلحاء ، أو ما يؤدي معنى كلمة الصلحاء ] وهم : الخلفاء الراشدون ، وهم خمسة - يعني منهم الحسن ( عليه السلام ) - ثم عبد الله بن الزبير وعمر بن عبد العزيز فهؤلاء سبعة ، وخمسة من بني العباس . أما من هؤلاء الخمسة من بني العباس ؟ لا يذكرهم ، فمن يذكر ؟ يذكر هارون ؟ يذكر المتوكل ؟ يذكر المنصور الدوانيقي ؟ أيهم يستحق أن يطلق عليه اسم خليفة رسول الله والإمام من بعده ؟ فهو لا يذكر أحدا ، وإنما يقول خمسة ، وكأن تقسيم هذا الأمر فوض إلى الفضل ابن روزبهان ، فجعل من هؤلاء سبعة ومن هؤلاء خمسة . وعلى كل حال ، ليس لهم رأي يستقرون عليه ، ثم يعترفون بعدم فهمهم للحديث ، وفي الحقيقة ليس بعدم فهم ، وإنما عدم اعتراف بالواقع والحقيقة .
[1] فتح الباري في شرح صحيح البخاري 13 / 180 . [2] فتح الباري في شرح صحيح البخاري 13 / 181 .