وضع حديثا في أن رسول الله لم يعزل أبا بكر ، وإنما جاء إلى الصلاة معتمدا على رجلين ، وصلى خلف أبي بكر ، فثبتت القضية وقويت . وبعبارة أخرى : رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ينصب أبا بكر عملا ، مضافا إلى إرساله إلى الصلاة لفظا وقولا ، إذ يأتي معتمدا على رجلين حينئذ ورجلاه تخطان الأرض ويصلي خلف أبي بكر . ومن الذي يمكنه حينئذ من أن يناقش في إمامة أبي بكر وكونه خليفة لرسول الله ، مع اقتداء رسول الله به في الصلاة ، ألا يكفي هذا لأن يكون دليلا على إمامة أبي بكر لما عدا رسول الله ؟ نعم ، وضعوا هذه الأحاديث الدالة على أن رسول الله اقتدى بأبي بكر . لكن الشيخين لم يرويا هذا الحديث ، أي هذه القطعة من الحديث غير موجودة في الصحيحين ، الموجود في الصحيحين : إن رسول الله نحاه أو تنحى أو تأخر أبو بكر ، وصلى رسول الله بنفسه تلك الصلاة . أما هذا الحديث فموجود في مسند أحمد ، وهو حديث كذب قطعا ، وكذبه غير واحد من كبار الأئمة من حفاظ أهل السنة ، وحتى أن بعضهم كالحافظ أبي الفرج ابن الجوزي ألف رسالة خاصة في بطلان حديث اقتداء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأبي بكر ، وهل من المعقول أن يقتدي النبي بأحد أفراد أمته ، فيكون ذلك الفرد إماما للنبي ، هذا غير معقول أصلا . رسالة ابن الجوزي مطبوعة منذ عشرين سنة تقريبا لأول مرة ، نشرتها أنا بتحقيق مني والحمد لله [1] . النكتة الثالثة : إن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد أن خرج إلى الصلاة وصلى بنفسه الشريفة ، ونحى
[1] هذه الرسالة ألفها الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي ، المتوفى سنة 597 ه ، ردا على معاصره الحافظ عبد المغيث الحنبلي ، ولذا أسماها بآفة أصحاب الحديث في الرد على عبد المغيث ، طبعت لأول مرة بتحقيقنا .