أما ثبوت الأعلمية لهارون بعد موسى ، فلو أردتم ، فراجعوا التفاسير في قوله تعالى : * ( قال إنما أوتيته على علم عندي ) * [1] عن لسان قارون ، في ذيل هذه الآية ، تجدون التصريح بأعلمية هارون من جميع بني إسرائيل إلا موسى ، فراجعوا تفسير البغوي [2] ، وراجعوا تفسير الجلالين [3] ، وغير هذين من التفاسير . من دلالات حديث المنزلة العصمة : وهل من شك في ثبوت العصمة لهارون ؟ وقد نزل رسول الله أمير المؤمنين منزلة هارون ، ولم يدع أحد من الصحابة العصمة ، كما لم يدعها أحد لواحد من الصحابة ، سوى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . وحينئذ هل يجوز عاقل أن يكون الإمام بعد رسول الله غير معصوم مع وجود المعصوم ؟ وهل يجوز العقل أن يجعل غير المعصوم واسطة بين الخلق والخالق مع وجود المعصوم ؟ وهل يجوز عقلا وعقلاءا الاقتداء بغير المعصوم مع وجود المعصوم ؟ وإلى مقام العصمة يشير علي ( عليه السلام ) عندما يقول ويصرح بأنه كان يرى نور الوحي والرسالة ويشم ريح النبوة . وهل يعقل أن يترك مثل هذا الشخص ويقتدى بمن ليس له أقل قليل من هذه المنزلة ؟ ولا يخفى عليكم أن الذي كان يسمعه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأن الذي كان يراه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، هو أسمى وأجل وأرقى وأرفع مما كان يراه ويسمعه غيره من الأنبياء السابقين
[1] سورة القصص : 78 . [2] تفسير البغوي 4 / 357 - دار الفكر - بيروت - 1405 ه . [3] تفسير الجلالين 2 / 201 - نشر مصطفى البابي الحلبي بمصر - 1388 ه .