مضافا إلى قوله تعالى : * ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ) * [1] . فإن الأوصاف الثلاثة هذه - أي الإيمان والهجرة وكونه ذا رحم - لا تنطبق إلا على علي ، فيظهر أن القرابة القريبة هي جزء من مقومات الخلافة والولاية بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وقد ذكر الفخر الرازي بتفسير الآية المذكورة استدلال محمد ابن عبد الله بن الحسن ابن الحسن المجتبى ( عليه السلام ) بالآية المباركة هذه ، في كتاب له إلى المنصور العباسي ، استدل بهذه الآية على ثبوت الأولوية لعلي ، وأجابه المنصور بأن العباس أولى بالنبي من علي ، لأنه عمه وعلي ابن عمه ، ووافق الفخر الرازي الذي ليس من العباسيين ، وافق العباسيين في دعواهم هذه ، لا حبا للعباسيين ، وإنما ؟ والفخر الرازي نفسه يعلم بأن العباس عم النبي ، ولكن العباس ليس من المهاجرين ، إذ لا هجرة بعد الفتح ، فكان علي هو المؤمن المهاجر ذا الرحم ، ولو فرضنا أن في الصحابة غير علي من هو مؤمن ومهاجر ، والإنصاف وجود كثيرين منهم كذلك ، إلا أنهم لم يكونوا بذي رحم ، ويبقى العباس وقد عرفتم أنه ليس من المهاجرين ، فلا تنطبق الآية إلا على علي . وهذا وجه استدلال محمد بن عبد الله بن الحسن في كتابه إلى المنصور ، وقد كان الرجل عالما فاضلا عارفا بالقرآن الكريم ، والفخر الرازي في هذا الموضع يوافق العباسيين والمنصور العباسي ، ويخالف الهاشميين والعلويين حتى لا يمكن - بزعمه - الاستدلال بالآية على إمامة علي أمير المؤمنين . فقوله تعالى : * ( وأولوا الأرحام ) * دليل آخر على إمامة علي ، ومن هنا يظهر : أن استدلال علي ( عليه السلام ) وذكره القرابة القريبة كانت إشارة إلى ما في هذه الناحية من الدخل في مسألة الإمامة والولاية .