الجهة الأولى : في تحقيق ألفاظ حديث الثقلين هذا الحديث مشهور بحديث الثقلين ، والثقل : متاع المسافر كما في اللغة ، فإني تارك فيكم الثقلين ، الثقلين تثنية ثقل ، وجماعة من المحدثين واللغويين يقرأون الكلمة بالثقلين : " إني تارك فيكم الثقلين " ، فيكون تثنية للثقل . ولعل الأظهر كون الكلمة محركة ، أي " إني تارك فيكم الثقلين " على أن تكون تثنية للثقل . يقول صاحب القاموس : والثقل - محركة - متاع المسافر وحشمه وكل شئ نفيس مصون ، ومنه الحديث : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي [1] . وإنما أرجح الثقل والثقلين على الثقلين ، لأنه إذا كان الثقل بمعنى متاع المسافر ، فهذا أنسب بحال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وبالظروف التي قال فيها هذا الكلام ، لأن المسافر من بلد إلى بلد وخاصة مع العزم على عدم العود إلى بلده السابق ، يأخذ معه متاعه ، ولما كانت المراكب في تلك العصور لا تتحمل أخذ جميع وسائل الإنسان وأمتعته ، فلا بد وأن يأخذ المسافر أنفس الأشياء وأغلى الأشياء وأثمن الأشياء التي يمتلكها ، أو تكون في حوزته . ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول في حديث الثقلين : " إني قد دعيت فأجبت " ، أو : " يوشك أن أدعى فأجيب " ، هذه مقدمة حديث الثقلين ، فيخبر رسول الله عن دنو أجله وقرب
[1] القاموس المحيط 3 / 342 - ثقل - دار الفكر - بيروت - 1403 ه .