يلتقي مع الحس ، ولا يظهر عليه ، بل يبقى منفصلا وغائبا عنه . ومن هنا : تبرز ضرورة ربط هذا الغيب بالواقع الموضوعي ، ليصبح بذلك أشد تأثيرا في الوعي ، وأكثر رسوخا وتجذرا في الإيمان ، حيث تخرجه تلك المفردات المعبرة عنه والمشيرة إليه ، عن أن يكون مجرد حالة غائمة وهائمة ، ليصبح أكثر تركيزا وتحديدا إلى درجة التجسيد الحقيقي للمعنى الغيبي ، الذي يهيئ للانسان أن يعقد قلبه عليه ، ليكون ذلك المسلم المؤمن بالغيب ، وفق ما يريده الله سبحانه ، وعلى أساس الخطة الإلهية لتحقيق ذلك ، وبذلك نستطيع أن نفهم بعمق مغزى قول علي عليه الصلاة والسلام : " لو كشف لي الغطاء ، ما ازددت يقينا " [1] . وحين سئل عليه السلام عن أنه كيف يعبد ربا لم يره ، أجاب : ما كنت لأعبد ربا لم أره ، لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ، وإنما رأته القلوب بحقائق الإيمان [2] . ولأجل ذلك : أيضا تطمئن القلوب بذكر الله سبحانه * ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) * فإن القلب لا ينال حقيقة الذات الإلهية نفسها ، بل ينال آثارها وأفعالها ويطمئن بذكر الله سبحانه ، وقد قال الله سبحانه : * ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ) * [3] ، و * ( إقرأ بسم ربك الذي خلق ) * [4] ، و * ( بسم الله الرحمن الرحيم ) * .
[1] البحار : ج 40 ص 153 و ج 46 ص 135 . [2] البحار : ج 4 ص 27 و 32 و 33 و 44 و 52 و 54 و 304 و ج 10 ص 118 و ج 36 ص 406 . [3] سورة الأعراف : 180 . [4] سورة العلق : 1 .